اخرج من المدرسة ، متعبة وجائعة وباردة .. لا افكر في شيء سوي تلك الوجبة الدافئة اللذيذة ، ورائحة الخبز التقليدي ، وجو عائلي حميمي .. وقبلة تستقبلني بها امي ، وسؤال من ابي يشعرني بالاهتمام
- كيف حال الدراسة اليوم ؟
افتح الباب فتستقبلني رائحة السجائر العفنة ، في آخر الرواق تجلس " امي المدخنة " وكدمات على وجها وهي تبكي بصوت عالي .. افكر في سؤالها، لكن رائحة السجائر تكتمني . ونداء الجوع ايضا
اتجه الى المطبخ ، توقفني شتائم '' ابي '' وهو يحاول ايجاد ملف ضائع وكوي قميص مجعد ....
افكر في الصراخ ، الموت ، الهرب .. لكنني اتذكر اخوتي ، سيرجعون من المدرسة وهم جياع ايضا ..
يجب ان احضر لهم شيئا
اعمد الى بعض الخضروات ، اقطعها قطعا صغيرة واضع المقلات على النار ..، تدخل امي تبحت عن عود كبيريت لتشعل سيجارة اخري وهي تصرخ وتبكي
- تزوجته وعمري 12 سنة ، هو من علمني هذا الادمان .. لايحترمني ابدا ... يعاملني كجارية .. كله بسببك لم اطلب الطلاق من اجلك واجل اخوتك .. لكنك لا تساعدني لمادا تكرهينني .. اطلبي منه ان يعاملني معاملة جيدة
اضع الخضروات في المقلات واحركهم قليلا و التفت اليها
- لم اضف البصل حتى لا تبقى رائحتة على ثياب المدرسة ، ولا بأس برائحة السجائر ..!
تخرج امي ليدخل ابي ..
- اترين تصرفاتها الهوجاء .. كم مرة طلبت منها ان لا تدخن هذه السموم في بيتي .. لا تقوم بواجباتي تجاهها كزوج .. لم اطلقها لاجلكم .. لكنكي تشبيهنها .. لمادا لا تتحدثين معها وتفهميها انها جاهلة ؟
اطفيء النار و استنشق رائحة ما طبخت
- ربما كان عليا ان اضيف بعض البهارات ؟ ام اكتفي بالفلفل الاسود !
يلتقي ابي وامي في الغرفة الاخرى .. يعلو صوت الشتم والسب .. وضربات السوط .. الصراخ والبكاء .. وتختقني رائحة السجائر اكثر ..
حان موعد وصولهم ، اغلق باب الغرفة حتى لايسمع اخوتي الصغار شيئا .. ويهنؤ بوجبة دافئة في اسرة سعيدة ..
انظر الي الساعة حان موعد ذهابي ، احمل محفظتي ، و اكتفي بقطعة خبز باردة .. امضغها على الطريق ...!