عندما تشعر بأن جميع من حولك ينظر إليك ,سينقبض قلبك ...
هذا ما شعر به بعدما فتح المدرس الباب بقوة وغادر من القآعة على عجل ..
وبعد حالة اشبه بالصمت قال احدهم هادئاً " ما كان عليك ان تفعل ذلك "
تلك التي كانت فتيل قنبله انفجرت حينها ليتبعها قول الجميع مهاجماً ومدافعاً
فهنالك صوتٌ آخر مقاطعاً " لالا , ما قمت به عين الصواب , انت على حق " ..
" احسنت , هذآ ما كان يجب فعله , وانا اتفق تماماً معك "
صوت اخر جاء من خلف تلك الحلقة حوله ... " لو كنت مكانك , لكنت التزمت الصمت , انظر !! ... لم يعلق احد على تلك المسأله سواك , ربما لآحظها غيرك وفضل البقاء صامتاً , وربما لا ..الآن .. ماذا عساك ان تفعل "
اجتمع الطلاب حوله , احاطوه من كل اتجاه , وبدء كل واحد منهم يطرح رأيه فيما حدث ... كلها كانت آراء , لم يتطرق احد لتقديم ايه حلول..
عندما سمع تلك الكلمات , انقبض قلبه اكثر ...وشعر بأنه في ورطة كبيرة لا محاله .
ظلت انظاره تائهه ... من طالب إلى اخر ... لم يكن يعلم حتى طبيعة شعوره حينها .. هل يفتخر كونه اكتشف خطأ في مسأله عرضها مدرس المآدة ... الحاصل على شهادة الدكتوراه في تخصصه , ومن يملك خبرة جيدة في التعليم , ولم يكتشف ذلك الخطأ اي طالب سواه , ام يشعر بالخوف مما سيحصل لاحقاً ... الرسوب في المادة رغم تفوقه فيها , ليس هذا فحسب , بل ربما لن يتجاوزها بعد ذلك لعدة مرات ... حتى يشعر ذلك المدرس ببصيص من الرحمه اتجاهه .. هذا هو الثمن إذاً ... واضحاً للجميع .... وفي هذه اللحظة اصبح واضحاً له ايضاً ...
هنالك اشخاص عمت المسميات والألقاب قلوبهم عن المعاملة الحسنة , واستبدلوا ما يطلقون عليه " البرستيج " بالرحمة والتفاهم ...
لقد اختار الطالب كلماته مراراً قبل ان يخبر المدرس, كان يعلم بأن ذلك يحتاج إلى طريقة غير مباشرة , وظن بأن المدرس سيعجب بملاحظته ويعترف له بتميزه ... او على الاقل يكتفي بشكره مع ابتسامة استحسآن ظاهرة ... ولكنه فوجئ برد قآسٍ ... " ماذا تقصد ؟؟ هل سؤالي خآطئ !! انا دكتور !! " .. بغرور كثيف ونظرات مفعمة بـ / ـعدم الاحترام .
ابتعد الطلبة من حوله , كل منهم ذهب إلى المحاضرة التالية .. اما هو فقد خرج من القآعة بخطوات بطيئة , وهو يشعر بثقل على اكتافه ... كانت نسمات الهواء الرطبة حينها .. تشعره بالبرد !!
اصبحت افكاره كالضباب امام عينيه ... هو ايضاً يثق بفسه , ومتمكن جداً من افكاره , ويفتخر بشخصيته واسلوبه ... لو كان ذلك المدرس شخصاً آخر .. لما اكتفى بالصمت على ردوده المهينة .
كان عليه حتى يتجاوز تلك العقبة , الاختيار بين طريقين .. ان يتابع في اصراره على انه كان على حق , ويكون بذلك يتحدى المدرس .. والنتيجة واضحة ..
او ان يطئ راسه امامه , والاكتفاء بإبتسامة الاعجاب .. ونظرات الخضوع , لكي ينجح في مادته في النهاية , وهو لا يحتاج إلى تذكرة لعبور ذلك الطريق .. سوى الإعتذار عما بدر منه .
وقف امام بوابة يتذكر صعوبه الاقدار والظروف , فالدراسه هذه الايام تعادل مشروع تجاري من الحجم المتوسط , في ظل رسوم جامعيه مرتفعه ... لا يستطيع احد جلبها بسهولة
خاصة وانه واهله يعيشون بظروف .. / الله اعلم فيها /
سمع وقتها الدكتور صوت طرقات على بابه ...
وما ان نظر حتى وجد الكلمه تسبق الطالب
" انا اسف "