<a href="http://zahratelboustain.3oloum.com/register"><img src="http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSugyPpklkaInwbbBJ0tRyrGBD1DSOCu4g2rPHoJqCPK9eN7c0VAg" border="0"></a>
<a href="http://zahratelboustain.3oloum.com/register"><img src="http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSugyPpklkaInwbbBJ0tRyrGBD1DSOCu4g2rPHoJqCPK9eN7c0VAg" border="0"></a>
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مرحبا بك عزيزي الزائر في رحاب منتدانا المتواضع . الذي رغبنا من خلاله اثراء رصيدكم المعرفي و التقافي و الادبي .في حلة ترفيهية .طيبة حسنة . مرحبين بكم من خلالها بقلب منشرح . راغبين من خلالها ان تنظموا الى منتدانا بعقل منفتح . و الهدف من كل هدا حسن خدمتكم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
-
اعلانك هنا
 طـَـبـَقْ الْكْرُودَا...(طَبَقُ حُرَّاسِ الغابة)  Images15  طـَـبـَقْ الْكْرُودَا...(طَبَقُ حُرَّاسِ الغابة)  Images16

 

  طـَـبـَقْ الْكْرُودَا...(طَبَقُ حُرَّاسِ الغابة)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
اسماء
مدير المنتدى
مدير المنتدى
اسماء


عدد المساهمات : 4125
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 17/07/2012
العمر : 28
الموقع : https://ibde3nawa3im.yoo7.com

 طـَـبـَقْ الْكْرُودَا...(طَبَقُ حُرَّاسِ الغابة)  Empty
مُساهمةموضوع: طـَـبـَقْ الْكْرُودَا...(طَبَقُ حُرَّاسِ الغابة)     طـَـبـَقْ الْكْرُودَا...(طَبَقُ حُرَّاسِ الغابة)  Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2012 4:47 pm

طـَـبـَقْ الْكْرُودَا...(طَبَقُ حُرَّاسِ الغابة)
Tabak Lagrouda...قصة قصيرة

وقع كل شيئ بسرعة خاطفة.لم يعرفْ رأسَه من رجليْه حتى وجد نفسَه في المكان المعتم وحيدا.لم يسمع لشكاويه المتكررة أحدٌ.."ولا يَــجْ ما يَــوْييدْ دَاكسْ"..وما دَّاها فيه حتى مسؤول رغم الغوات والقسم بأغلظ الأيمان...
إنه جَــرَّى على حقو.."يُـوزَّالْ خِي خْفَنَّاسْ"..ما ظلم أحداً،بل هو المظلوم،هوالذي آسْتُبيحَ شرفه وأهينتْ كرامته..الشيئ الوحيد الذي بقيَ له بعد ضياع كل شيئ...
اِسألوا أهل القبيلة..إسألوا الناس..لاحياة لمَنْ تنادي..."صافي يَقْطَى وَوَالْ"..انتهى الأمر..حُكمَ عليه.."مابْقَى ما يَتْعَاوَدْ".. لقد شهد على الواقعة أناسٌ كثيرون رأوه يهجم على المسؤولين الكبار أثناء تأدية واجبهم الرسمي،ولولا لطف الله ويقظة أفراد قوات المساعدة لَحَدَثَ ما لا تحمد عقباه...لكن هانتْ"مْنِينْ جَاتْ غِيرْ عْلَى هَاكْذَا..يَسْتَاهَلْ مَا جَرَى له..
.. ولاَّ نَتَّا يَزْكَرْتَاس إِيمِي"..عليه أن يتحمل العواقب..ذلك بما جَنَتْ يداه واللسان.."وللِّي دارْها بْيَديه يفكها بْسَنِّيهْ".....

_ يا سيدي راسي مهموم..أنا مظلوم..ماعندي ضراس ولا سنان ولا لسان ورجليَّ عْيَاوْ...آسْغَتِيِّيي....لم يصغ له أحد.هو بعيد الآن عن زوجته وآبنته الزِّينُونَة داخل زنزانة موحشة مقرفة رفقة المجرمين والقطاطعيا...

_ أنا متهوم بالباطل..أُورْيِيغْ وَالُو...آرَسِي أُومَجْرالَكْ أُو بَاقِي....

كان يغني متوعدا غاضبا ساخطا،فيدخل عليه الحرسُ،يشبعونه ضربا ويخرجون ضاحكين ، ويبقى هو متكوم في ركن من الزنزانة يتمتم بكلمات آمازيغية غير مسموعة...


في ذلك النهار العامر بالصهد والغبار،سِمُحَنْد آيْتْ أولْعيسِــي أعياه القرحُ من جراء جريه وراء القايد.لم يجده بالبيرو،دائما يقولون له""مشغول بَرَّا""..يحسن أعوانه سيد القايد،مَالقي وقتا لفض كل النزعات أهالي البلدة المتناسلة كالجَرب ولعياذ بالله..دائما منشغل مرهق المسكين هنا وهناك..يطوف بنفسه بالأمكنة،بالمناطق القاصية والدانية..يُعَايِـنُ عن قرب معيشة الناس.. يبحث،يُقَلِّب،ينقب،"يَـتْـرعَّـى سُوطَارَنَّسْ" يسأل،يستطلعُ الأحوال من أفواه العباد مباشرة؛لذلك فليس غريبا أنْ لا تجد مثله في مكتب ما،فهو لا يعترف بالمكاتب ولا الحواجز ولا الوساطات والبرتوكلات الرسمية التي يمكن أن تفصله عن هموم ومشاغل مختلف القبائل الواقعة تحت نفوذ إدارته....
آداسْ يْرَبِّي العْوِينْ سي أولعيسي...إنها المرة الخامسة أو يزيد التي يأتي فيها إلى المكتب ولا يجده..فماذا عساه يفعل إذا ؟؟...لِـمَنْ يرفع تظلمه ضد الكَــرد الجديد اللِّـي ما بْقَى يعرف حَسيب ولا رقيب في طريقة تعامله مع القرويين في البليدة النائية الواقعة في قعر الوادي الصغير المُحاط بغابة كثيفة من شجر الأرز الباسق والبلوط الأخضر اليافع...
إنه السوق الخامس أو يزيد،لم يَعُدْ يحدد بالضبط كم هي عدد المرات التي تَــحَــمَّـلَ فيها مشاق السفر إلى مكتبه.كل مرة الحكاية نفسها..النتيجة نفسها..الكلام نفسه...
سي أولعيسي عـِيـلَ صبره..يجب على سِيدْ القايد معرفة ما يحدث..لقد بلغ السيل ذُرَا الجبال ولا بُد َّ من التحقيق في الأمر...كان يزعق قرب الباب والزبد يتطايرُ من شدقيْه..يرفع صوته بكل ما أوتيَ من قوة يريده أن يصلَ إلى المعنيين بالأمر.. لا يمكن أن يستمر هذا الحال..هذا القايد موجود..مؤكد إنه هنا"يَــلَّى دَا"..أما هذا الكلام الذي يسمعه من المخازنية فمجرد هدرة زايدة باشْ يسَكْتُونِي..وأنا والله ما نَسْكُوتْ.. "هانَتْشْ دَا..مانِتَلِّيتْ ياسعَدَات القايد؟؟"..ألاتريد استقبالي ؟معرفة مابي وما جرى لي؟؟ألا تريد أن تتابع مشاغل الناس؟؟وعْلاَشْ أنتَ هنا؟؟.. يجب أن يسمع سعادته كل شيئ ويطلع عن الأحداث عن كثب..إنها مهتمه...إذا لم يستقبلني،فإنني سأقصد البيرو آمَقْرَانْ دِي تَمْدِينْتْ....
سي أولعيسي انفعل قليلا أو كثيرا أمام المخازني الواقف بالباب...

_ قُلْ له..الدوار كامل جاء..لابد يشوفنا....

يرد المخازني...

_ سيد القايد ذهب إلى السوق.

_كُنَّا ثَــمَّ وما لقيناه...

المخازني يعيد الللاَّزمة نفسها:_""سعادته مشغول بَــرَّا""...

يبدو أنه حفظ هاته اللازمة عن ظهر قلب حتى لم يعدْ يدرك فحواها،المهم أنه يهشُّ بها في وجه كل واحد يأتي البيرو ليصدع راس الحاكم من غير أولائك الذين تربطهم به علاقة وطيدة وهم معرفون على أية حال،ولا يمكن لهذا العجوز المُعمَّم المُجلبب الكالح أن يكون واحدا منهم..لقد صدعه في رأسه..دائما الأسطوانة المشروخة نفسها..يأتي البيرو ويبدأ في الغوات بضرورة لقاء سعادته..ماذا يعتقد؟؟واش الدنيا سايبة؟؟غِي للِّي جَاء يدخل..سبحان الله على وقت..آه آه آلطيف شحال بنادم ولَّـى باسل..!!..ثم زايْدُونْ..إنها التعليمات..وهو عبد المأمور..
هو هنا لتنفيذ الأوامر فقط لا لشيئ آخر..هذا شغالو..
يلتفت المخازني الى العجوز وبنفاذ صبر ينبس في وجهه:

_ أنا ما عندي مايَتْعَاوَدْ...

فردَّ البدوي ببداهة:

_ أنا آسيدي عندي ما يتعاود..لكن فين هاذا للي يسمع لي؟؟؟...

ثم بعصبية لافتة يشد على يافوخه من فوق عمامته الصفراء الحائلة اللون...

_ آراسي أومجارلك أوباقي.....

سي أولعيس كان لوحده.لم يذهب معه للقائد أحدٌ من الدوار ولا من الجوار.في جل المرات التي أتى فيها المكتب جاء وحيدا ..أهل القرية ليس لديه وقت يضيعونه في الشكاوى..لهم مشاغل الصيف المليئة بخناقية الحصاد والتنقال والدْرَاسْ والتذرية ووو....مصيبة وآخلاص...
هم فعلوا ما عليهم..إنهم معذورون..حياة الدواوير في الجبال ليست بالمسألة الهينة...الله يحسن عوان الجميع....
سي أولعيسي يجلس فوق حَجَرة ناتئة خارج السور المُحيط بمكتب القايد.يترقب مجيئه بفارغ الصبر..إنْ كان فعلاً مشغول في الخارج كما يقول المخازني فمصيره سيعود عاجلا أو آجلا سيعود...يضع يديْه على رأسه مطرقا في التفكير في كل ما حدث ويحدث..يستغرب موقف القرية من قضيته.. قضيتــه؟؟؟ ... بل إنها قضية الجميع،فعندما يتعلق الأمر بشرف فرد من القبيلة،فإن المسألة تتعدى نطاق الحدود الفردية والشخصية لتصبحَ مصيرا جماعيا مشتركا يشمل الكل دون آستثناء؛هكذا يعرف هو أعراف وأخلاق آيت تَقْبليتْ.."آمَّــا آيتُوغْ مِيدِّينْ شحال هادي..طُورَا..مايَسْ..الله يحضر السلامة..!!..قديما كانوا كتلة واحدة مجتمعة ملتفة كبنيان يرصُّ ّبعضه بعضا..فماذا حدث حتى تؤول الأمورُ إلى مثل هذا الحال؟؟..كل واحد ما دَّاها غيرْ في راسُو..وللِّي غرق فْشِي قرينة كحلة الله يحفظ يغرق فيها لوحده دون أن يسمع به أو يأبه به أحدٌ وبالأحْــرى أن يقفوا معه أو ينجدوه...لاحول وآخلاص....
سي أولعسي متفائل رغم كل شيئ..خاطرُه واسع وعَمْــرُو ما يضيق قلبه اتجاه أهله..أهل القرية عشريته رغم موقفهم ولا يمكن للظفر أنْ يطلع منى اللحم إلا إذا سالت دماء..
إنه دمهم وهُمْ دمه..كلهم دم واحد..عائلة واحدة والدم عَــمْــرُو ما يولي ماء...
في الحقيقة لا يجب عليه أن يلومهم،يفكر سي أولعسي،محاولا إيجادَ مُبرر معقول لسلوكهم معه..لقد فعلوا ما آستطاعوا عندما طلب منهم الذهاب معه إلى القايد،اعتذروا له بكثرة الأشغال..لهم الحق في ذلك..الصيف هَاذا..وأغلبهم لَمْ ينته بعدُ من جمع المحصول من العَرصات والأحراش وفجاج"إيشَاونْ نِيعَلاَّنْ"ونقله إلى البيادر..ثم زَايْدُونْ المسافة الفاصلة بين القرية والسوق اللِّي فيه البيرو ديال القايد بعيدة جدا وممتدة شاقة بين منعرجات وأودية حاملة بالمياه وتضاريس ناتئة،وأنتَ وحضك إنْ صادفتَ سعادته أو لم تصادفه...في المرة الأولى، والحقيقة تُقال،ذهب معه البعض،لكن عندما تكررت الزيارات دون فائدة،فإنه يمكن تفهم تصرف الأهالي مع هاته القضية..فلاَ يُعقلُ أن يذهبَ الجميع أو حتى بعض منهم في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشونها دون تحقيق أي هدف، سيكون ذلك من باب العبث وصداع الرأس فقط...
... الأمر لا يحتمل،كل هذا الأخذ والرد،يقول سي أولعيسي، وهو يحك قنة رأسه بعد أن أزاح عمامته البالية واضعا إياها فوق ركبته اليمنى..جزاهم الله خيرا..المشكلة ماشي معاهم..إنها مع القايد الذي لا يظهر أبدا..فأنْ يَعْثُرَ شخصٌ مثله بدوي فلاح بسيط مُهمَل الأصول والتفاصيل غير معروف لدَى الناس للِّي الفوق،مَقصي في قرية غابوية بعيدة عن أقرب مكتب إداري بأزيد من أربعين كلمتر..أنْ يعثرَ واحد بْحَالُو على سيد القايد ويتكلم معه رأس لرأس شيئ عسير جدا إنْ لم يكنْ من رابع المستحيلات...سي أولعيسي بات متأكدا من هذا الأمر...إنها النتيجة التي خرج بها من جميع محاولاته الفاشلة التي حاولها،لذلك فهو إذْ يجد نفسه منفردا معزولاً في هذه المَشْطَبَّة لا يلوم أحداً بالتحديد،بل يصب جَامَّ غضبه على نفسه وعلى البوكليب الكحل ديال الأوضاع التي أبتْ إلا أن تكون الأمور بمثل هاته الروينة.....
في لقائه الأول مع الشيخ عندما جاء شاكيا تصرفات كَـرْدْ الغابة الجديد _حارس الأشجار ياحسراه!!_كان متفائلاً بأن المشكل سيحل نهائيا،و بكلمة واحدة ينتهي كل شيئ،وأن الأمور ستتوقف بسرعة عند هذا الحد،لكن الشيخ خَيب توقعاته، وقَبْلَه فعل الشيئ نفسَهُ المقدم الذي أحاله على الشيخ، الذي بدوره أحاله على القايد لتبدأ لعبة الإحالات واللف والدوران دون فوائد تُذكر..فمسخوط ديال هاذ القايد مثل إبرة في كومة من التبن والشوفان لا يُعْثَرُ له على أثر،،أين تراه يختفي ؟؟؟...إنه في البيرو ..هذا أكيد...كلهم يكذبون عندما يقولون غير ذلك.... ينتفظ سي أولعيسي.يضع عمامته فوق رأسه كيفما آتفق.يترك الحَجَرَ الناتئ.يقصد المخازني قرب الباب.قال المخازني بعد أن صَدَّعه في رأسه:

_ واشْ ماعندنا غيرْ أنتَ ؟؟؟...قُلنا لَك..ماشِي هنا...صافي...
آحسنوا العوان ياهذا البشر..سيد القايد الله يكون في العوان،
عَمْرُو ما جْلَسْ،ديمَا كيتْحَرَّك...

ردَّ البدوي منفعلا:

_ واحْنَا...شْكُونْ يشوف مشكلتنا؟؟؟

_ وراهْ عْلَى بْحَالَكْ للِّي ديمَا كَيْدُورْ..ماخَلِّيتُوهْ كَاعْ يَرْتَاحْ يالطيف..
دايْمَنْ مْصَدْعِينُو بالشكاوي والغْوَاتْ...يا أعوذ بالله....

يطرق سي أولعيسي رأسه.يضعه على زنده الأيمن واقفا.يبتلع ريقه الناشف في حلقه الجاف. يُصَعِّدُ في المخازني نظرة محتشمة،ثم ينكس رأسه من جديد قائلا:

_ الله يَحْسَانْ لَعْوَانْ.......


يعود إلى القرية بخُفي حُنين وبعض الكلغرمات من البطاطس والطماطم وزوج من البطيخات ودلاحة واحدة وأكوام عديدة من الفجل يلقمها فاه طيلة طريق العودة.جعل كل ذلك داخل الشواري فوق ظهر البغلة الشهباء،وانطلق يحرق الطريق صعودا وهبوطا بين الأودية والمنعرجات والمنحنيات........
إمرأته منتكسة هي الأخرى منذ أن آعتدى الملعون ذَا الكَرْدْ على آبنتها الزينونة.اِستغلَّ سذاجتها وفعل بها ماشاء مسخوط الوالدين...والآن المخزن ما بغى يعطي الحق لَمْوَالِيهْ... يقول سي أولعيسي لزوجته المُلتاعة مُهدئا روعَها بآمازيغية لا تتكلم غيرها :

_ غَـــاصْبَرْ طُـــورَا..آزَتْشَا آدراحاغْ غَرْ لبيرو آمقران آدَزْرَغْ ماغرايْ يْنينْ....

تظل هي صامتة.وحدها الدموع تتكلم عَما في قلبها مع بعض التنهدات الخافتة لا تريد أنْ توصلَ صداها لابنتها الوحيدة التي شاءت الأقدار أن تُخلقَ زينونة لا تسمع لا تتكلم،،مجرد إشارات وبَحَّات صوتية غير مفهومة تُصدرها من حين لآخر كي تتواصل مع الآخرين...
لكن،رغم إعاقتها،فهي كالفراشة الصغيرة،نشيطة دائما.تحمل على عاتقها ثقلَ أشغال البيت.تكنس الأرض المترَبة.تأتي بالماءمن العين التي هناك بعيدا عن الدوار. تطهو. تصبن.تنظف
لم يتغير أي شيئ من عادتها اليومية في البيت وخارجه رغم كل ما وقع..لكن أباها منذ ذلك النهار المشؤوم،أوصاها بعدم الاقتراب من الغابة حتى يعرف رأسه من رجليْه...
المقدم قال له في أحد لقاءتهما:

_ أوفِينْ لْقَاهَا ؟؟؟

فأجاب:

_ في "المشرع" تغسل الصوف....

نظر إليه بعينيْن ماكرتيْن فيهما شك واتهام:

_ في"المشرع" ولاَّ في الغابة ؟؟؟...

فردَّ أولعيسي وقد ثارت ثائرته;

_ وماعساها تفعل هنالك؟؟؟

_ إهيه...ألا تدري ماتصنع الفتيات في الغابة؟؟..إنهن يقطعن الأعواد ويحطبن،يُخَرِّبْنَ الأرز...وهذا شيئ ممنوع....

_ هذه ليست هي القضية...

_ بل إنها جوهر المشكل،عندما ستذهب شاكيا سيسألونك عن موقع الحادث وكيف وقع ومتى؟؟؟؟...إذْ ذاك ماذا ستقول؟؟

صمتَ سي أولعيسي فترة من الوقت طويلة حَكَّ فيها رأسَه الأشيبَ تحت عمامته الحائل لونها،بعد أن تلقى هذا السهم غير المنتظر...فعلا،ماعساه يقول لهم؟آش دَّاها للغابة؟؟ماذا كانت تفعل هناك؟؟ثم إنها كانت وحدها..هكذا أخبرته آبنته بإيماءاتها بعد تلك الواقعة...لماذا ذهبت وحدها؟؟؟لو كانت برفقة بنات القرية لما جَرُؤَ ذاك الخنزير على الاعتداء عليها.. ثم كونها كانت وحيدة في الأرز يفسر آعتيادها على ذلك وعدم خوفها؛لكن هذه مسألة طبيعية،فمِمَّ تخاف والقرية وما يحيط بها من أحراش وأدغال بمثابة البيت الواحد...هكذا عهد الجميع الأمرَ، فمتى كانت بنات القرية في حاجة لمرافق يحميهن ... الدار أمان..."تامُورْتْ لَهْـنَا آشْتِلينْ"...
كل شيئ كان هادئا حتى جاء المسخ...فعلا،المشكلة لاتتعلق بسلوك آبنته،فهو واثق منها ومن أخلاقها جيدا..تربية يديْه،وإنْ شكَّ فيها،فليشك في نفسه أولا...لقد آعتدى عليها الحَلوف آبن الحلوف،هذا ما كايَنْ...شباب القرية لا يمكن أن يفعلوها..الجميع إخوان في القرية.لم يقع أي حادث من هذا القبيل أبدا..لا خلاف بين الناس،لا مُشاحنات إلا على الأراضي ومواعيد سقي البحاير..أما آعتداء شنيع من هذا النوع،فلم يقع أبدا ولن يقع...هكذا قريتهم،هكذا الدوار،هكذا كان،وهكذا سيظل...كان كل شيئ يسير بخير حتى أصبحت البليدة وما يحيطها من أرز وبلوط وفلين وصفصاف تحت نفوذ حارس الغابة الجديد الذي حرم الحلال وحلل الحرام بدعوى حماية الغابة (تيزكي) من الرعي والحطابين...
لقد سبق له أن ناوش وناور الفلاحين،وضيق عليهم الخناق حتى في تلك المجالات التي تشهد الأعراف ووصايا الجدود المتوارثة أنها في ملكية البدو...أنْ يقع هذا،فأمر يمكن الصبر عليه وتحمله،،ولكن هذا "البوغابة"تجاوز فعلا كل الحدود... الناس كانت تبتلع غضبها وتظلمها وتأمل في نهار قريب ينتقل فيه الوغد كما آنتقل سابقوه؛بيد أن الشيئ الذي لم يستطيعوا هضمه وآحتماله هو الاعتداء على الشرف.
سي أولعيسي كان المتضرر الوحيد في هاته القضية،لكن كان يأمل في مساندة الآخرين له...فإذا تخاذلوا،فذلك شأنهم؛أما هو،فقد قرر حزم أمره،غير عابئ بما يمكن أن يقعَ راميا من رأسه كل هاته الأفكار المتضاربة...

_ ليكنْ مَا يْكُونْ،شرفي فوق كل آعتبار....

فينصحه المقدم:

_ إنْ كان الأمر لا بُد،فآذهب عند الشيخ وآستشرْه في الأمر...

وآستشار الشيخ،والشيخ لم يدر ما يفعل،هذا الأمر ليس من آختصاصه،فأحاله على القايد، والقايد غَبَرَ له الأثر كأنه غاص في الأرضينَ دون أوبة ؛لم يبقَ سوى البيرو الكبير،سيذهب ويفقص هذا الدمل الخبيث ويرتاح نهائيا..كذلك قال لزوجته...
لكنه،قبل أن يذهب،قصد مجددا سكان البليدة فخيبوا رجاءه ... القبيلة مات دم الشرف في عروقها،لم يعدْ يهمها شيئ،، للِّــي بْغَى يموت يموت..ياحسرتاه على زمن ولَّى،كان فيه الشرف تاجا على رؤوس الأحرار،لا يُمَسُّ ولا يتزعزعُ...الآن آسْتُبِيحَتِ المحارمُ،عمَّ الفسادُ بين العباد.لم يَعُدْ أحدٌيهتم لما يمكن أن يقع لجاره.ماتت النخوة ياولاد البلاد..يا"طَارْوَا نْتمُورْتْ" .. الجار لم يعد جارا..الدوار لم يعد دوارا.."تَامورت نَّغْ تَضَّاعْ يا وْلاَهَلْ"مذ دخل همج الكرودا للقبيلة...هاته البَلِيَّة مُصيبة إلى ما شيبت تقتل...كُولُوا لي يا سيادي آشنو نعمل ؟؟؟...
اِكتفوا بمؤازرته معنويا.أعطوه توقيعاتهم في ورقة حملها معه إلى البيرو الكبير.كتب الفقيه أسماءهم تباعا واحدا تلو الآخر بعد أنْ سجل الواقعة وآستنكار"آيت تمورت"لما جرى،ملاحظين أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها الاعتداء على واحد من أفراد القرية من طرف "بوغابة"، مطالبين بمحاكمته..إنه منذ مجيئه وهو يسيح في البلاد فسادا..تكرفص على الكثيرين.. ضرب البعض بسوطه..زعق في وجههم..سَبَّهم..تفل عليهم..بل ركلهم بقوائم فرسه التي يمتطيها في جبروت وخيلاء...وها هو أخيرا،يكحلها بالمصيبة التي آقترفها مع آبنة بريئة لا تتكلم ولا تسمع....كتبوا كل ذلك،وتمنوا للرجل المسافر التوفيق في مسعاه........



يدخل الرجل غيابة دهاليز المدينة الصغيرة.يقصد البيرو الكبير.لم يستقبله أحد.بعضهم أحاله على بيرو ديال الجردامية.وهناك..وفي داخل أحد المكاتب،ظل واقفا لساعات رغم التعب والصهد.لم يقل له أحدٌ اِجلسْ،وهو لم يأتِ ليجلس.
وبعد أن أخذوا كل المعلومات المتعلقة به من بطاقته الوطنية، سألوه عن آسم المُدَّعَــى عليه ، فلمْ يدْرِ ما يجيب....

_ إنه جديد عندنا ، بَحْرَى هاذي شهور مْنينْ جاء...

_ واشْ كَتْفَلَّى علينا ؟؟...

_ هادشي لي كنعرف آسيدي...

_ عنداك شي شهود ؟؟؟

_ القبيلة كلها شاهدة...

وأمَدَّهم بتوقيعات القرويين.أخذوا الورقة وأعطوه أوراقا لم يقرأ ما كُتِبَ فيها لأنه ببساطة لم يكن يعرف القراءة...قالوا له آمض هنا،فلم يعرف...حينئذ جعلوا أصابع يده اليسرى في شيئ أسود كالصمغ ثم وضعوها في أسفل كل ورقة من الأوراق المرقونة...لم يفهم شيئا سي أولعيسي ....

_ إنه المحضــــر.......

قال الجدارمي...

اِستفهم مستغربا.. _ المحضـرر ؟؟؟...

_ سيرْ حتى نْعَيْطُولَكْ....

_ والكـَـــــرْدْ ؟؟؟

_ ماشي شغلك....

_ واخَّا آسيدي...


...وقع كل شيئ بسرعة خاطفة..لم يعرف رأسه من رجليْه.. خرج من مكتب الجدارمية ليتسوق من حوانيت المدينة،حتـــى رآه هناك...هُوَ هُوَ..!!!....عُقِلَ لسانُه من هول المفاجأة. صُـــدِمَ كعتروس جبلي قُطِعَ شُــوَّالُه على حين غرة.فَرَكَ عينيْه غير مصدق لما يرى...هل هو فعلا؟؟هذا الكَرْدْ المَمسوخ؟؟هنا ؟؟ومع مَــنْ ؟؟؟معه هـو ؟؟؟؟سعادة القايد الذي طالما بحثَ عنه دون فائدة...هما معا؟؟؟؟مجتمعان في جلسة حميمية على رصيف مقهى يحتسيان
"آمْ يمَدُّكَالْ"العصير ويَشُمَّان الهواء العطر المنبعث من الورود المغروسة في أصُص وأطبـــــــاق متفرقة في نظام أمامهما.. والفراشاتُ الزاهية الألوان تَدَبِّجُ المكان.تنتقل من زهرة لزهرة في انتشاء وفرح وزهو بالحياة..وبعض الحمام يسرح بين الأرجل يلقط ما يجود يه الزبائن.....
لمْ يصدق ما رأى....كيف ؟؟؟؟....القايد الذي طالما بحث عنه ليقتصَّ له ويعيد له آعتباره وشرفه ...هنا....؟؟؟مع المجرم ؟؟؟....ربما سعادته لا يعرف تصرفات الكرد...هذا أكيد... فسعادته معروف بعدله...إنه سيقتص لي...المهم أن أكلمه وأطلعه على القضية لكي يشوف شغله مه هاذ الخنزير ... وبدون أن يفكر كثيرا،قصد المقهى حيث يجلسان.لا بد أن يطلعه على فعايل بوغابة..هذا المزغوب...لا بد أن يعلم... اِخترق صفوف الجالسين.طار الحمام الذي يسرح على الافريز جماعات.نزل على سطحية لاتيراس مترقبا ما يحدث.اقترب البدوي من القايد،وقَبْلَ أن يهم بالحديث مع سعادته،هجم عليه،على حين غفلة منه،مجموعةٌ من أقراد القوات المساعدة.طرحوه أرضا وهو يستغيث:

_ أنا مْزاوَكْ آسيد القايد....

فتشوا جلابيته الشتوية التي يلبسها في الصيف والشتاء، فعثروا على"بُونقشة"غارق في جراب جهة بطنه...

_ إنها محاولة آعتداء....

أشبعوه ضربا ورفسا....عُشِيَ بصرُهُ.صُكت أذناه.......

_ واغيرْ سمعولي.......

لم يسمع له أحد.
أخذوه إلى الدرك الذين أثبتوا الحالة فورا بحضور كبير الجدارمية والمعنيين بالأمر،ثم أودعوه السجن بتهمة الاعتداء ومحاولة آغتيال موظفين وأعوان السلطة أثناء تأدية مهامهم الرسمية .......


أما ما حدث بعد ذلك،فهو كالتالي.....

_ القائد وَلَّـى باشا.فتح شركة لتصدير الخشب بآسم أبنائه...أغرق الناس في خيره...
تهلاَّ فيه الله،وتهلاَّ هو في الناس....

_ الكـرد الصغير ولَّى كبير...الصغير كان على عُودُو كايْشَلِي آلاَلاَّ....
الكبير أصبحت له طوموبيل"كَاتْ فْوَا كَاتْ"يسوقها بنفسه في رحلات الصيد داخل منحنيات ومنعرجات وفجاج غابات الأرز الكثيفة....

_ الزينونة بقات زينونة...

_ القرية مَسْخَاتْ مَلعونة...

_ العجوز في دارها المتربَة باقي مفقوصة،تتنهد بكلمات آمازيغية تحاول قدر جهدها أن لاتسمعها آبنتها رغم أنها تعلم كل العلم أنها طرشاء لا تسمع لا تتكلم....

_ الدواب في الحقول تأكل الشوفان....

_ أما سي محمد أولعيسي،فقد تقوس ظهره كحدوة حصان هرم.لا يعرف رأسه من رجليْه.فقد حدث كل شيئ بسرعة خاطفة كالبرق..حتى وجد نفسه وراء قضبان حديدية ...يتكوم في ركن من زنزانة عارية باردة بعد أن أشبعه الحَرَسُ ضربا لسوء سلوكه داخل الحبس.يتمتم بكلمات غير مسموعة....

"" آراسي أوماجرالك أوباقي....""_

كان يغني أغنية من الجبل تتغزل بالحمام وتتوعد الكـْـــــــــرُودَا.....

"" هَذَا زْمَانْ هَذَا

حَاظَرْ لِي مْوالفْ القِيادَه

كُلْهَا جَايَبْ فْرَادَى

رَاتْ عِيني آحْمِيمَة ما قْدَرْتْ نَضْرَبْ

جاتْ في طَبَـــــقْ لَكْـــرُودَا

حَالْفْ أنا بَحْلُوفِي مَا نْفَلَّتْهَا غِيرْ إلَى مَا فَاضَتْ بُوحْبَلْ """"





***********************************
ترجمة عبارات آمازيغية ودارجة مغربية واردة في النص ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
_ولا يَــجْ ما يَــوْييدْ دَاكسْ:لم يعبأ به أحد.
_ما دَّاها فيه حتى مسؤول:لم يهتم به أي مسؤول.
_جَــرَّى على حقو..يُــوزَّالْ خِي خْفَنَّاسْ:سعى لتحقيق حقه.
_صافي يَقْطَى وَوَالْ:انتهى الكلام.
_مْنِينْ جَاتْ غِيرْ عْلَى هَاكْذَا:الأمور لم تستفحل ....
_ولاَّ نَتَّا يَزْكَرْتَاس إِيمِي:حتى هو يثرثر كثيرا...
_.آسْغَتِيِّيي:اسمعوا لي.
_أُورْيِيغْ وَالُو:لم أفعل شيئا.
_يَــتْــرعَّـــى سُوطَارَنَّسْ:يبحث بنفسه.
_آداسْ يْرَبِّي العْوِينْ:كان الله في عونه.
_ يَــلَّى دَا:موجود هنا.
_هانتش دا:أنا هنا.
_مانِتَلِّيتْ ياسعَدَات القايد؟؟:أينك ياترى....
_البيرو آمَقْرَانْ دِي تَمْدِينْتْ:المكتب الكبير بالمدينة.
_ آيت تَقْبليتْ:أهل القبيلة.
_آمَّــا آيتُـــوغْ ميدين شحال هادي:هكذا كان الناس قديما.
_طُورَا..مايَسْ:أما الآن فلستُ أدري.
_كل واحد ما دَّاها غير فـراسو:كل واحد يهتم بنفسه فقط.
_إيشاون ني عَلاَّنْ:الجبال العالية.
_المَشْطَبَّة:مشكلة عويصة.
_واحْنَا...شْكُونْ يشوف مشكلتنا؟:مَنْ ينظر في مشكلتنا؟
_غَـــاصْبَرْ طُـــورَا..آزَتْشَا آدراحاغْ غَرْ لبيرو آمقران آدَزْرَغْ ماغرايْ يْنينْ:اصبري الآن ،غدا سأقصد المكتب الكبير لمعرفة ما سيقولون.
_المشرع :الوادي.
_تَامورت نَّغْ تَضَّاعْ يا وْلاَهَلْ:البلاد ضاعت ياناس.
_واشْ كَتْفَلَّى علينا ؟:أتسخر منا؟
_آمْ يمَدُّكَالْ:كأصدقاء.
_أنا مْزاوَكْ آسيد القايد:أتوسل إليك يا سيدي القائد.
_بُونقشة:خنجر.
_ واغيرْ سمعولي:اسمعوا لي فقط.
_كان على عُودُو كايشلي آلالا:على جواده يتبختر ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ibde3nawa3im.yoo7.com
 
طـَـبـَقْ الْكْرُودَا...(طَبَقُ حُرَّاسِ الغابة)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: فضاء القصص الحكايات و النكت :: فضاء القصص و الحكايات الغريبة و المذهلة و الخيالية الحلوة و الهادفة-
انتقل الى: