كان الترولي يُهرول من البوابة الأمامية للمشفى في سرعة , يدفعه أربعة ممرضون يلبسون الأبيض مفتولي العضلات يُحيطهم مائة جندي , الجميع يهرع ناحية مكتب الشئون الإدارية
للمشفى , كانت أصوات سيارات الشرطة التي تُحيط المشفى العام تصم الآذان , تساءل المرضى ممن مُنعوا من الدخول ما الذي يحدث , تسابقت المحطات الإخبارية ولكنّهم أيضاً
مُنعوا من التغطية
بدأ الأمر في الصباح في بيت عبد البصير هو شاب يعمل في أحد جرائد المعارضة , قام صباحاً متثائباً في كسل كان جائعاً إلى أقصى درجة , ولكن عمله لا يوفر له المال , سمع عند
الباب صوت خربشة ,فتح الباب وجد على الأرض دعوة لحضور بث تليفزيوني لأحد البرامج الحوارية , نسى جوعه وعطشه وابتسم فلقد فُتحت له ابواب الشهرة , حضر نفسه لليوم
المشهود ,لبس بدلته المهترئة ووضع قلمه العزيز الذي يمتلكه منذ عصور في جيب جاكته الأيمن , ركب الأتوبيس 1111 المتوجه لمبنى الإذاعة ,الدور السابع دخل الأستوديو , يقف
المتفرجون تحية له , يهمس أحدهم في أذنه سوف تمدح الرئيس وإلا اعتقلك أفراد الأمن الوطني أشار بسبابته ناحية الناحية الأخرى حيث يقف العديد من أفراد الأمن
يجلس على الطاولة أمامها عدة جرائد تمدح الحاكم
يبدأ البرنامج بالنشيد الوطني..ينتشي الجمع ..ويُسكر عبد البصير التشجيع فيُخرج قلمه ويكسره ..يُهللون في صخب ...شعر عبد البصير بوخذٍ في صدره ... أتبعه ذلك الألم الرهيب
في معدته نسبه سريعاً للجوع ..تخيل الصحف طعاماً شهياً ...أخذ يعب منها في فمه عباً ...سكت الجمع ...لم يتعالى سوى صوت المضغ ...صمتٌ كئيب هبط على رؤوس الجميع
حينما فرغ عبد البصير قال بعلو صوته : لقد انقذني من الجوع ورقٌ مكتوب فيه إسم الرئيس الأعظم
!!
سقط على الأرض ...تحسس الأمن رقبته ...فكان بلا نبض
صاح أحد المشاهدين
لقد قتله إسم الرئيس
ضجت القاعة بشتم الرئيس
ووجهت لعبد البصير تهمة قلب نظام الحكم
ووضعوا في يديه الأصفاد
بينما يُخرجون له استمارة رقم 6
من المشفى العام