السلام عليكم
أهلا بالجميع
كانت هموم نفسه تثقله و بالكاد ينهض من فراشه كارها ذلك الصباح متمنيا أن لا يستيقض مرة اخرى
كان يعمل حطابا يجمع الخشب من الغابة القريبة من كوخه ليحضر ثمنه مساءا يشتري به خبزا و جبنا يسد به جوعه
هزيل الجسد قليل الحيلة بالكاد يقرأ اسمه ما كان حضه من العلم كما حضه من المال يلوم والده لم يكن غنيا ليورثه مالا أو عالما يورثه علما
و حتى الزواج ما كان له سبيلا، قليل الحيلة
ألف جمع الخشب اليابس من حدود الغابة، إلى أن قرر يوما بعدما رأى أنها قلت و أنه يبذل جهدا كبيرا فلم يلج أبدا ابعد من امتار فيها
دخلها قانطا و ما وجد غلا الأخضر من الأغضان و أعظم الأشجار علوا مشى و مشى إلى أن غاب عنه السبيل الذي سلكه لكن لم يأبه قائلا
و إن ضعت فمن سبحث عني و إن هلكت من سيسأل عن حالي مماتي كحياتي سواءا فهناك كثيرون من جامعي الخشب و لن تسال الناس غياب واحد فيهم ابدا
و هم نقصان واحد زيادة دراهم لهم فهذا أفضل
إلى أن رأي كأنه بنيان فاقترب، و إذا هو بئر قديم عميق لا يرى قاعه، قال ألقي حجرا ارى هل به ماء فقد مللت أن احضر الماء من المدينة أين ابيع حطبي
ألقى حجره و ما سمع له اثرا، فصرح في الجب ما حضي هذا التعيس حتى بئر ما فيه ماء و قد توسط غابة خضراء، و إذا بصدى صوته يعود و يجيبه
ما عليك إلا ان تدخل و تعيد نزع الأتربة التي في داخلي تجد الماء، تعجب فهو يعرف على الأقل أن الصدى هو كلامه أن يعود،
فعاد و صرخ فيه من المتكلم، قال من ترى غيرك هنا، أنه انت، زاد غرابة، و عاد و صرخ كيف انت أنا ؟
رد عليه ادخل للتتأكد، تعجب و قال ما هذا إلا جان يريد اللعب، أو أني أصبحت مجنونا و لا أدري
ما انا خاسر معيشتي ليس بعيش و موتي كاني لم اكون و ليت هذا يصبح قبري فأرحم من يجد جثي على أن يدفنها.
لكن كيف سأدخل و ما عندي حبل و لا مشعل أستنير به عمق البئر
فعاد و صرخ فيه أعود أدراجي أحضر حبلا و زيتا لأصنع به شعلة،
فجاوبه إن ذهبت أذهب و إن عدت عدت فلا تبطئ و سارع خطواتك قبل أن يحل الظلام
انصرف و هو يقول أأعتقد أني مجنون و اصدق نفسي بأنني في البئر و ادخل له لأجد نفسي
حقا هذا جنون.
و ما بها ألشجار تحوم حولي و تترصدني و تكيلني بأعينها ابتعدي عني و إلا فأسي كان جزائك هيا ابتعدو ابتعدو و إلا دخلت للبئر و لن أخرج منه...،
هيا ابتعدو و إلا أخبرت البئر فهو صديقي و يريدني معه لأني فيه
تجمعت الناس حوله و هو في جنونه ملوحا بفأسه مهددا لهم، لم يكن في غابة ظلماء، بل في السوق أين الف بيع حطبه
قد جن حقا و هو لا يدري و لا يعي مصيره بثقل همومه
و هنا أصبح له اسما و اصبحت الناس تعرفه بعدما كان مجرد بائع الحطب، هاهو يسمى صاحب البئر ...
