لم أُدرك كنه تلك الغشاوة الرهيبة التي أصابتني ولا تلك الأرضية الناعمة من العُشب واليرقات الصغيرة التي تعلق بسروالي , أتكيء بيدي ناهضاً في صعوبة , أتحسس
مؤخرة رأسي
حيث ينبعث الألم في دفقات مُتباعدة تتبع النبض , لحظات وانجلت الغشاوة وتبينت المشهد مشوشاً ولكن تلك المرة بفعل الصدمة , كان المشهد مأساوي إلى أقصى درجة
, بركة
تُماثل بحيرة قد مُلأت دماً , العُشب الأخضر إختفى بفعل تلك الأجساد الضخمة المائلة للزرقة وكأن السماء قد وقعت أرضاً , رفعتُ نظري إلى السماء حتى أتبين وجودها في
موضعها كان بعض الأجساد يُثخنها الجراح فأخذت تئن كالضمير الواقع تحت رُحى اللوم , تلك الأصوات التي تعلو في نشيجٍ كالعواء من جميع الجهات , النسر قد ملَكَ الجو وراح
يحُطُ بجانب
الأجساد في فرح , قلت :بعض الناس لا يجدون قوتهم إلّا في موت الآخرين , كان العبير القادم من العُشب قد اختلط به رائحة نشادر أو هي أقرب للحديد الصديء أرجعتها
سريعاً
للدم المُتسربل في ثنايا العُشب , عاودتني نبضات الألم ثم كانت تلك الشذرات من الضوء والذكرى , كانت قافلة السيارات قد انطلقت فجراً داخل الدغل بجوار الغدير
يسيران معاً
, كان الجمع في السيارات يُغني بعض الأغاني الإفريقية القديمة
لا يستطيع الصقر أن يسمع صاحبه ويدور ويدور**
الأشياء تتداعى ولا يستطيع أي شيء
أن يظل متماسكاً
فك عقال الفوضى على العالم
!!
كنت أمسك بكاميرتي موثقاً كل يرقة ولمحة , كنت مفتوناً , لم أرى نيتهم أو أن الجمال حولي قد عماني ,لون السماء الأزرق الراقي , البلابل تشدو لحن الحياة بينما حطّ
بعضها
على الأرض يجمع الحب في سكون كانت كلما سكنت الغصون صفقت لها حتى تميل , عبرت السيارات الدغل حتى وقفنا على حافة السهل كانت الأفيال تتجمع في قطيع
في أسفل
الوادي , بينما الأم أكبر أعضاء القطيع أخذت ترش الماء في إتجاه صغارها كيما لا يشعرون بالحرارة , أخذتُ موضعاً أعلى التلة والتقطت العديد من الصور , حتى دوّى صوت
رصاصة فأطبق الصمت على
الوادي كطائر الموت إلّا من نهيم الأفيال وصرخات الطيور الهاربة , التفتُ ناحية الجمع ممن أتوا معي فصعقتني رائحة الغدر , يحملون بنادق ذات فوهات واسعة ويصوبونها جهة
الأفيال التي لا تجد
مكان للهرب , كانت بطيئة الحركة , لا تستطيع الركض أو الأختباء , لا يوجد مكان تختفي فيه , كانت صغار الأفيال تحتمي بدروع أمهاتها التي أصابت الرصاصات مقتلها , خف
صوت الرصاص شيئاً فشيئاً وأخذت غشاوتي تزداد
بينما يُصدر ذاك الفيل الطفل نهيماً مُتضرعاً خافتاً يتلمس غشاء الرقة الأنسانية
بينما يؤخذ بقايا عائلته في سلال الموت
أصابتني تلك الرؤية حيثُ نبت للصغير جناحان
وأرشده الصقر صديقه إلى دروب ومسالك السماء في عليين
حيثُ لا يوجد سواهما في السماء المكفهرة
وحتى يهرب من سكين بنو البشر
ومنقار النسر الذي يقتات الميتة
التي يعافها الصَقرُ رفيق السماء