تزينت صفاء باجمل فستان لديها و أجسن زينة و افضل عطر و قد حضرت لأحمد أشهى طعام و الذ حلوى لسهرة الليلة .
ليست الليلة مميزة عن سابقاتها فكلها ليال تقضيها صفاء في انتظار زوج احبته بكل ما تطيق جوانحها و حاولت الاحتفاظ به قدر استطاعتها .
تنظر الى الساعة و تترقب الباب حينا و تختلس النظر من نافدة غرفة تطل الى الشارع حينا آخر ...ها هو يصف سيارته الى جانب الشارع المحاذي .
تستقبله سريعا عند الباب و تبتسم بسعادة و تنتظر منه أن يلاحظ تألقها لكن التعب أدركه و لا يفكر الافي بالاستحمام و الاستلقاء قليلا على الاريكة ليشاهد بعض الاخبار لعله يصادف جديدا.
تحاول صفاء الاعتذار له بينما نفسها تأبى عليها ذلك فهي لم تحظ منه بالتفاتة ترضيها منذ...لا تدري متى كان آخر يوم سمعت منه انها تزداد جمالا .
تجلس صفاء بانتظار شيء قد يئست من نواله ....تنطر اليه في خيبة ...تقترب منه و تريده ان يحتضنها بقوة تختلف فيها أضلعها لتكذب هذا الشيطان الذي يؤجج حربا بداخلها ...لكنها لا تقوى على شيء.
تقرر البدأ بالكلام ثم تتراجع خوفا من جرح مشاعره ،يشعر احمد أن صفاء تخفي شيئا ما فيسألها عما بها فترد سؤاله بسؤال مماثل :هل لا يزال حبك لي باقيا ؟ قالتها و فرت دمعة من عينها .
لم يأبه احمد لسؤالها كثيرا و لم ير دمعتها بعد ان انشغل بحدث سياسي جديد .
حملت صفاء نفسها الى غرفة النوم حيث تعبر عن اكتئابها بادمان النوم.
شعر أحمد بطول غيابها ...ناداها فلم تجب فبحث عنها في ارجاء البيت ليصل اخيرا الى غرفة النوم و ادرك ان هناك خطب ما .
دعاها للقيام الى غرفة المعيشة و بدأ نقاش جاد عما بها فأبت .
شعر احمد باتهامها اياه بالتقصير فراح يدافع عن نفسه :
قال : طول اليوم اعمل بجهد مضن من اجلك انت و الصبية التي ستولد بعد ايام فكيف تلومينني و لما ؟ أخبريني أين قصرت ؟
قالت : لم تعد احمد الذي احبني اول مرة و الذي لا يرى في الكون غيري و الذي ينسى همومه بي .
قال :لكن يا حبيبتي من لي سواك ؟انت الصديق و الزوجة و كل كياني فلما تشكين ؟
قالت : لا اشك في انني الصديق و الزوجة و لكني اشك انني لا زلت الحبيبة .
قال: و لكن كيف تشكين في هذا ؟ لو كنت اشعر بفراغ غاطفي لكنت خنتك و اتخذت حبيبة غيرك .
قالت :اعرف انك لم تخني يوما فدينك و اخلاقك يمنعانتك من السقوط في الرذيلة و لكني اتحدث عن نفسي ...اين تلك العيون التي لم تكن ترى غيري ؟ اين كلمات الحب التي كانت تصنع لي جناحين اين ذهب ولعك بي ؟ لم اعد أرى فيك سوى الزوج المنهك دائما و لا يفكر سوى بالمزيد من المال و مزيد من القلق على مستقبل الله ضامنه .
قال: حسبك يا حبيبتي فأنا لا زلت ذات الرجل الذي يحبك ...و الله احبك و لا اشهد غير الله في ذلك لكن هموم الدنيا الهتني بالمهم و انستني الاهم .
راح أحمد يعتذر لزوجته و يقسم لها بأغلظ الايمان بحبه و وفائه و مضت أيام قليلة ليعود احمد لما يراه مهما و ينسى من جديد ما كان الاهم عنده.
ماتت صفاء أثناء توليد ها و مات جنينها معها .و سمع في المستشفى أنين أحد من بكاء الثكلى ...كان احمد يضرب على رأسه و يقول : لم تكن تريد سوى سماع كلمة أحبك و لم امنحها اياها الا بمشقة و هي اجدر الناس بها ...يا لهذا الرأس الذي يتقن علم الحساب و لا يفقه في علم المشاعر شيئ ....ليتك تعودين يا صفاء لتسمعي مني كل دقيقة مقدار حبي لك .و راح يهذي كالمجانين عبارة :من المالا نهاية الى المالانهاية
نظر الناس اليه بعجب و قالوا :سبحان الله، لا يبدو أبدا انه مجنون.
