تكسر الحمض النووي أحد أهم أسباب العقم عند الرجال!
تشوه الحيامن أحد أهم أسباب العقم عند الرجل وكذلك فشل الحقن المجهري
د. صالح بن صالح
زاد الاهتمام مؤخرا بنوعية واشكال الحيامن المستخدمة في عمليات الحقن المجهري واطفال الانابيب وركزت الكثير من التداخلات العلاجية الحديثة على علاج التشوهات في الحيوانات المنوية، ومن ضمن اهم الاسئلة التي ترد من قبل اصحاب الشأن هو هل من الأفضل استعمال الحيوانات المنوية القليلة العدد والبطيئة الحركة والمشوهة الموجودة في السائل المنوي او هل الافضل رشفها من الخصية لتلقيح البويضات لدى بعض الرجال المصابين بتأخر الانجاب؟ وهل هناك أي تأثير لتلك الحيوانات المنوية المشوهة في المستقبل على الناحية التكوينية للأجنة ومن ثم الناحية الجسدية والعقلية عند هؤلاء الاطفال؟ وهل من الممكن تحديد التشوهات الجينية قبل التلقيح لتفادي حصول تشوهات خلقية وانطافية عند هؤلاء الأولاد؟ وهل لتقدم سن الرجل كما جاء في عدة دراسات تأثير سلبي على الإنطاف والاخصاب؟ أسئلة في غاية الأهمية قد تساعد في الإجابة على تفسير تدني القدرة الاخصابية لدى المسنين من الرجال حيث تبين ان حوالي 30% منهم قد يعانون من خلل كرموسومي مع تكسر في الحمض النووي للحيوانات المنوية. وقد أظهرت الاختبارات الحديثة أن تحديد القدرة الاخصابية عند الرجل التي تعتمد عادة على تحديد نسبة الحيوانات المنوية الطبيعية من تحليل السائل المنوي قد لا يكون صحيحاً، إذ إنه قد يكون متشابهاً عند العديد من الرجال العقيمين والخصيبين.
تكسر الحمض النووي داخل الحيوانات المنوية يشكل 30% من الأسباب المجهولة للعقم المذكر
ومع التقدم التقني في فهم وعلاج العقم عند الرجال اصبح العامل الجيني وتكسر الحمض النووي داخل الحيوانات المنوية سببا يمكن ادراجه في حوالي 30% أو أكثر من الأسباب المجهولة للعقم المذكر رغم القيام بكافة التحاليل المعتمد عليها حالياً وكذلك احد أسباب الإجهاض المتكرر عند بعض النساء أثناء الحمل الطبيعي او بعد تلقيح البويضات بالحيوانات المنوية وعدم قدرة بعض تلك الحيامن المنوية في الاخصاب رغم العديد من محاولات التلقيح. فيمكن في الوقت الحاضر في بعض المراكز الانجابية المتخصصة القيام بتحاليل خاصة على الكروموسومات وعلى الحمض النووي والجينات التي قد تساعد على تشخيص الآفات الجينية وتحديد نسبة تكسر الحمض النووي قبل القيام بالتلقيح للتوصل الى أفضل النتائج بالنسبة الى حصول الحمل واستمراره مع الولادة الطبيعية وتفادي التشوهات عند الجنين باختيار افضل وأجود الحيوانات المنوية.
من ناحية اخرى يتساءل العديد من الرجال حول الإجراءات التي يمكن تطبيقها لزيادة قدرتهم الإنجابية وحول تأثير نوع التغذية على جودة الحيوانات المنوية وزيادة تشوهاتها ونجاح الإخصاب. فجواباً على تلك الأسئلة المهمة قام فريق طبي في جامعة روشستر في نيويورك باختبار حول تأثير نوع الغذاء على القدرة التناسلية، حيث اظهرت هذه الدراسة أن حوالي 83% من الرجال العقيمين يفتقر غذاؤهم اليومي الى الفاكهة والخضار مع أقل من 5 وجبات غذائية في اليوم، مقارنة بحوالي 40% من الرجال الخصيبين لاسيما أن ذلك النوع من الغذاء مضاد لفرط التأكسد الذي يسبب ضرراً في الحمض النووي داخل الحيوانات المنوية ويؤثر سلباً على حركتها وقدرتها في إخصاب البويضات.
وفي مقارنة بين 48رجلاً عقيما و10رجال خصيبين، اتضح ان الاكثار من تناول الفيتامينات من نوع أ و ج والسيلينيوم والفاكهة والخضار في التغذية يحمي الحيوانات المنوية من زيادة التأكسد ويحسن جودتها فضلاً عن أن زيادة تناول مادة كريبتوكسنتين وغلوتا ثايون مفيدة أيضاً للوقاية من تضرر الحمض النووي او الدي ان آى داخل الحيوانات المنوية وزيادة عددها وحركتها كما أبرزته دراسة اخرى قامت بها الدكتورة لويس التي قادت هذا الفريق الطبي.
التدخين يزيد من تشوهات الحيوانات المنوية
وبما ان الحديث هنا عن تشوهات الحيامن فمن المناسب التطرق لتأثير التدخين على خصوبة الرجل فقد أجريت أبحاث عديدة على السائل المنوي لرجال مدخنين وغير مدخنين أثبتت التأثير العكسي للمواد السامة في التبغ على الحيوانات المنوية وبالتالي الخصوبة.
وأثبتت الدراسات أن التدخين يؤثر على عملية إنتاج الحيوانات المنوية والمقاسة بعدد الحيوانات المنوية في السائل المنوي، حيث وجد أن العدد لدى المدخنين أقل من غير المدخنين بما معدله 13 - 17 في المئة إلا أن هذا التناقص يمكن تفاديه في حال التوقف عن التدخين. وعندما نركز الحديث على عدد الحيوانات المنوية فإننا لا نهدف فقط لرفع فرص الحمل بزيادة خصوبة الرجل وإنما كذلك تقليل فرص الإجهاضات والمشاكل المصاحبة للمواليد.
أما عن الأشكال الطبيعية في الحيوانات المنوية فإن نسبة الأشكال غير الطبيعية لدى المدخنين تفوق نظيرتها لدى غير المدخنين وخصوصا تشوهات الرأس هذا إلى جانب التأثير السلبي على تقدم الحيوانات المنوية وحركتها وقدرتها على اختراق البويضة، كما ان التدخين يزيد من احتمال تكسر الحمض النووي (DNA) فيها. كما اثبتت الدراسات زيادة في عدد الكريات الحمراء والبيضاء في السائل المنوي والتي توحي بالتهابات المجاري التناسلية التي بدورها تؤثر على حركة الحيوانات المنوية في الأنابيب الناقلة.
كما ابرزت دراسات اخرى أيضاً ترابطاً بين عدد السجائر المدخنة يومياً ومدة التدخين والفشل الاخصابي إذ إنه تبين أن زيادة العدد إلى أكثر من 19 سيجارة يومياً، ترافق مع نسبة عالية من فشل الاخصاب بمعدل حوالي 82٪ مقارنة لحوالي 29٪ للمدخنين الذين لم يتجاوزوا أكثر من 11 سيجارة يومياً.