بالرغم من كون الفقمة من الثدييات البحرية، فإن المخاطر الجمة التي يحتوي عليها البحر ترغمها على مغادرة هذا الوسط الطبيعي من حين للآخر بغرض الالتجاء إلى الشاطئ، فمن خلال بحث قام به الكندي بيترواطس Peter Watts لمدة ثلاث، خلص هذا الأخير إلى أن هذا الحيوان البحري يتوفر على ما بين 50 و 80 ٪ من احتمال تعرضه للافترس قبل بلوغ 5 سنوات، يضاف إلى ذلك كون الفقمة تستهلك طاقة هائلة للصمود في وجه الأمواج والتيارات البحرية القوية. كما أن جروحها تتشافى بصعوبة داخل لماء.
فما الذي يمنع إذن الفقمة من قضاء حياتها كاملة فوق الشواطئ، الأمر في منتهى البساطة: ذلك أن بقاءها فوق اليابسة يمكن أن يعرضها لمخاطر أخرى في حالة بقائها عرضة لأشعة الشمس المحرقة، لأن الفقمة في واقع الأمر شديدة التأثر بأشعة الشمس كما أن الطبقة السميكة من الشحوم المحيطة بجسمها والتي تقيها من البرد داخل الماء، تحول دون حدوث أي فقدان للطاقة الحرارية المخزونة لديها عندما تكون الفقمة خارج الماء.
وهكذا، فعندما تبلغ حرارة الشمس 15 درجة مائوية، يمكن أن تكون قاتلة لها، وبذلك يصبح مصير الفقمة أليما إذا لم تقبل على القيام بذهاب وإياب منتظمين بين البحر والشاطئ.
فلكي تحافظ الفقمة على التغيير الحراري بداخل جسمها، فقد أظهر بحث بيتر واطس أن الفقمة لا تمكت أبدا في الظل أكثر من ساعة خارج البحر، أي طيلة المدة التي يتبخر فيها الماء الملطف كلية من فروها..
فهي تدرك كيف تختار أماكن قليلة التعرض لأشعة الشمس ولديها القدرة على إدراك الفوارق الدقيقة للأوقات اليومية للرجوع إلى اليابسة حسب الفصول.
وخلاصة القول، فإن وضعية الفقمة تتأرجح بين السندان الذي تشكله خطورة أضراس الفرائس والمطرقة المتمثلة في لسعات الشمس القاتلة.