<a href="http://zahratelboustain.3oloum.com/register"><img src="http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSugyPpklkaInwbbBJ0tRyrGBD1DSOCu4g2rPHoJqCPK9eN7c0VAg" border="0"></a>
<a href="http://zahratelboustain.3oloum.com/register"><img src="http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSugyPpklkaInwbbBJ0tRyrGBD1DSOCu4g2rPHoJqCPK9eN7c0VAg" border="0"></a>
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مرحبا بك عزيزي الزائر في رحاب منتدانا المتواضع . الذي رغبنا من خلاله اثراء رصيدكم المعرفي و التقافي و الادبي .في حلة ترفيهية .طيبة حسنة . مرحبين بكم من خلالها بقلب منشرح . راغبين من خلالها ان تنظموا الى منتدانا بعقل منفتح . و الهدف من كل هدا حسن خدمتكم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
-
اعلانك هنا
 إلى أين تقودنا الحياة.. قراءة في أفكار إبن حزم..  Images15  إلى أين تقودنا الحياة.. قراءة في أفكار إبن حزم..  Images16

 

  إلى أين تقودنا الحياة.. قراءة في أفكار إبن حزم..

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
اسماء
مدير المنتدى
مدير المنتدى
اسماء


عدد المساهمات : 4125
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 17/07/2012
العمر : 29
الموقع : https://ibde3nawa3im.yoo7.com

 إلى أين تقودنا الحياة.. قراءة في أفكار إبن حزم..  Empty
مُساهمةموضوع: إلى أين تقودنا الحياة.. قراءة في أفكار إبن حزم..     إلى أين تقودنا الحياة.. قراءة في أفكار إبن حزم..  Emptyالسبت نوفمبر 03, 2012 10:42 am

تمهيد: الكتاب من تأليف العالم الأندلسي الجليل ابن حزم، والتعليق على أفكاره العبقرية ونظرته المتميزة للحياة والدنيا هو من تجاربي الحياتية المحدودة التي لو كانت مطلقة لأستفدت منها وظيفة بدل هذه البطالة المستطيلة..





طرد الهم: قال الإمام ابن حزم–رحمه الله-: طرد الهم مذهب قد اتفقت الأمم كلها مذ خلق الله تعالى على أن لا يعتمدوا بسعيهم شيئاً سواه.. وليس في العالم مذ كان إلى أن يتناهى أحد يستحسن الهم ولا يريد طرده عن نفسه.. (وقد) بحثت عن سبيل موصلة على الحقيقة إلى طرد الهم فلم أجدها إلا التوجه إلى الله عز وجل بالعمل للآخرة. وإلا فإنما طلب المال طلابه ليطردوا به هم الفقر عن أنفسهم. وإنما طلب اللذات من طلبها ليطرد بها عن نفسه هم فوتها. وإنما طلب الْعِلْم من طلبه ليطرد به عن نفسه هم الجهل. وإنما أكل من أكل وشرب من شرب ونكح من نكح ولبس من لبس ولعب من لعب وركب من ركب ومشى من مشى وتودع من تودع ليطردوا عن أنفسهم أضداد هذه الأفعال وسائر الهموم.. فاعلم أن طرد الهم ليس إليه إلا طريق واحد وهو: العمل لله تعالى فما عدا هذا فضلال وسخف. وقد طال هم من غاظه الحق.






أقول :هذه نصيحة ملخصة للحياة، فكل من فيها يسعى لطرد الهم عنه، وللأسف قد يعتقد البعض أن ذلك ممكن من خلال الذنوب والمسكرات والمخدرات، وهو واهم بل لا يزيده ذلك إلا هما على همه بل قد يكون سببا في قتله حارما إياه من توبة وإنابة إلى ربه غالية..

تأمل في حال الباحث عن اللذة الجنسية.. يقع في كل من هب ودب من الأنجاس فهو مثل الذبابة لا تقع إلا على مغتصَب أو قذر، فهل يعقل أن يجد راحة في مخالطة السيئين؟ أين الطمأنينة عندما يختبئ بعيدا بذنبه خوفا من الفضيحة، أين راحة البال الناتجة عن الثقة في السلامة من الأمراض النفسية والمعدية؟ إن المعصية ليست حلا على درب السعادة بل بالعكس هي شقاء في شقاء، ولولا تزيين الشيطان وكذبه لما وقع فيها إنسان..






قال ابن حزم:حياتك ليست إلا أقل جزء من الثانية: إذا حققت مدة الدنيا لم تجدها إلا "الآن" الذي هو فصل الزمانين فقط. وأما ما مضى وما لم يأت فمعدومان كما لم يكن فمن أضل ممن يبيع باقياً خالداً بمدة هي أقل من كرّ الطرف؟!.





أقول:قلت مثل هذا وأنا صغير واعتقدت أن الفكرة فكرتي، وهذا يدلك على ضرورة الإحاطة قبل الإضافة، فلا يمكنك وضع لبنة في جدار ممتلئ، فإن لم تعلم بأنه أصلا ممتلئ عرضت إضافتك للسخرية والإستهزاء، لذا لابد من التمكن قبل التصدر، وهذه قاعدة مهمة أرى أنها سبب قصور الكثيرين، فبعض الناس يقرأ كتابا أو اثنين فيتوهم أنه أصبح عالم زمانه ، وهذا سبب قلة المبدعين في زماننا هذا، فأنت ترى من يقول الشعر وهو لم يقرأ–أو يحفظ- ما قيل قبله، خصوصا ما أشتهر منه، وما الإبداع إلا عقد تضع فيه حبة جديدة كلما اجتمع لديك باقي حبه.. واعترف أنني من هواة التأليف ولي أشباه روايات غير مطبوعة، واعرف أن من الضروري أن أقرأ الكثير من الروايات–وقد فعلت صغيرا رغم استثقالي لما كان يبتعد عن البطولة منها- إلا أنني أجد استثقالا لبعض الكتاب وأضن بوقتي على قراءة ما لا يستحق، ليس لأنها غير نافعة بل لأن ما هو أهم منها أولى بالوقت منها، مثل الأمور الدينية التي هي غذاء آخرتنا التي هي مآلنا بعد هذه الحياة - بالمناسبة تجدون في ركن تحميلات الموقع مواد اسلامية نافعة لطالب العلم، وملخصات أدبية حصرية للموقع-، حتى لا نكون ممن ضل سعيهم في الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.. وأفضل طريقة أن توازن بين دينك ودنياك، فإذا كنت مفكرا ومثقفا فلا تعجز أن تكون عالما بضرورات دينك (مثل التوحيد الصلاة والصوم والزكاة...) لأن القراءة لأرسطو وماركس وترك رسول الله–صلى اله عليه وسلم- وصحبه أمر لا يليق بمسلم عاقل..





قال ابن حزم:وقلما رأيت أمراً أمكن فضُيِّع إلا وفات فلم يمكن بعد..






أقول: هذا هو معنى "الفرصة لا تتكرر إلا نادرا".. فتضييع الفرص هو عادة يمكن أن تجر على الإنسان الخراب.. وفرصتك هي الخطوة الأولى في قدرك السعيد فانتهزها، لكن لا يمكنك ذلك إلا إذا توفرت فيك شروط من أهمها: علمك بأنها فرصة، فكثيرون–في حال الصغر خصوصا- يجهلون قيمة ما يتاح لهم من فرص، ويعتقدون أن الفرصة أمر عادي متكرر الحدوث أو أنها مجرد صدفة مثل بقية الصدف، ولا يدري المسكين أن عمره قد ينقضي دون أن تتكرر تلك الصدفة التي فتحت له ذراعها في يوم من الأيام. وعندما يكبر يكون أكبر دليل على تضييعه للفرص هو إكثاره من قول "ليتني وليتني".. ولهذا نهينا عن تكرار "ليتني" لأنها تفتح باب الشيطان وتضعف إيماننا بالقدر وتوكلنا على الله عز وجل، وفي الأخير كل ما في هذه الدنيا مجرد ذرة مقارنة بما في الآخرة التي ينبغي أن يكون عملنا لها وحدها دون أسف على دنيا يستوي وجودها من عدمها، بل قد يكون اقبالها أكبر صاد عن طريق الجنة والعياذ بالله..






قال ابن حزم:والأمن والصحة والغنى لا يعرف حقها إلا من كان خارجاً عنها وليس يعرف حقها من كان فيها.


أقول:وهكذا جميع النعم، لا يحس الإنسان بها إلا بعد فقدها، فمثلا نعمة الحياة قد لا يستغلها الأكثرون في التمهيد للآخرة، ثم بعد الموت يتمنى الواحد منهم أن يعود إلى الدنيا ليعمل ما لم يعمل من أعمال صالحة نافعة..






قال ابن حزم:ومن عجيب تدبير الله عز وجل للعالم أن كل شيء اشتدت الحاجة إليه كان ذلك أهون له وتأمل ذلك في الماء فما فوقه. وكل شيء اشتد الغنى عنه كان ذلك أعز له وتأمل في الياقوت الأحمر فما دونه.





أقول:وأرى مثالا عجيبا آخر، أنظر حاجتكَ إلى زوج، لولا شدة الحاجة إليه لما كان بهذه الكثرة واليسر، فرغم تمنع بعض النساء وترفع بعض الرجال إلا أن الجميع يعلمون في قرارة أنفسهم أنهم لا شيء بدون الآخر..






قال ابن حزم:والناس فيما يعانونه كالماشي في الفلاة كلما قطع أرضاً بدت له أرضون، وكلما قضى المرء سبباً حدثت له أسباب.





أقول: يجب الحذر من الدنيا، فالإنسان إذا كان له واديا من ذهب تمنى أن يكون له واديان، وهكذا، ولن يملأ فمه إلا التراب. وتأمل في أصحاب الأموال، يقنع الواحد منهم بصعوبة لأن الدرهم يولد درهمان والدرهمان يولدان فكرة والفكرة تولد مشروعا آخر لتوليد الدراهم، وهكذا تتناسل الدراهم وتتوالد حتى تلهي صاحبها عن الهدف الذي ولد من أجله وهو عبادة ربه والفوز بالجنة الأخروية الباقية..






قال ابن حزم:لا تبذل نفسك إلا فيما هو أعلى منها وليس ذلك إلا في ذات الله عز وجل في دعاء إلى حق وفي حماية الحريم وفي دفع هوانٍ لم يوجبه عليك خالقك تعالى وفي نصر مظلوم. وباذل نفسه في عرض دنيا كبائع الياقوت بالحصى. ولا مروءة لمن لا دين له. والعاقل لا يرى لنفسه ثمناً إلا الجنة.



أقول:ما أكثر الذين يبذلون أنفسهم في سفاسف الأمور، منهم من يقتل غيره ويسحره لأجل جاه أو مال أو حقد، ومنهم من يبيع نفسه وزوجه وأولاده لأجل عرض من الدنيا.

إن الدين هو الأساس الذي يجب أن نبحث عنه في الآخرين قبل مخالطتهم، فالزوج المتدين أفضل من غيره، وكذلك البائع والصاحب... وعلامة الدين هي الخوف من الله، والسلامة من البدع لأن المبتدع منحرف عن الدين أصلا.. وأقول لكل مقبل على الزواج: إن الإلف الذي يذكر الله خير من الذي لا يأتي ذكره على لسانه، وهي علامة وجودها دال على الخير وأمل في الصلاح بعكس من لا يعرف ربه أصلا..

أما الجنة فهي هدف العقلاء الأقوياء على الصبر لأن الفوز بها يتطلب عزيمة ومشقة في مواجهة النفس والشيطان، ومن لا قوة له على مواجهتهما فهو على خطر، ولهذا أُمر بنو إسرائيل–وغيرهم- بأخذ الكتاب بقوة.. فلابد–في رأيي- من بطولة من نوع خاص، بطولة في مواجهة النفس والشيطان أساسها قوة الإرادة والعزيمة، وقد لخصتهما الجملة القرآنية "خذوا الكتاب بقوة"، فكل ما في الدين يجب أن يؤخذ بقوة، الصلاة وبقية الأركان وفعل الخير والفرار من المحرمات..






قال ابن حزم:طالب الآخرة ليفوز في الآخرة متشبه بالملائكة، وطالب الشر متشبه بالشياطين، وطالب الصوت والغلبة متشبه بالسباع، وطالب اللذات متشبه بالبهائم، وطالب المال لعين المال لا لينفقه في الواجبات والنوافل المحمودة أسقط وأرذل من أن يكون له في شيء من الحيوان شبه ولكنه يشبه الغدران التي في الكهوف في المواضع الوعرة لا ينتفع بها شيء من الحيوان. فالعاقل لا يغتبط بصفة يفوقه فيها سبع أو بهيمة أو جماد وإنما يغتبط بتقدمه في الفضيلة التي أبانه الله تعالى بها عن السباع والبهائم والجمادات وهي التمييز الذي يشارك فيه الملائكة.

فمن سر بشجاعته التي يضعها في غير موضعها لله عز وجل فليعلم أن النمر أجرأ منه وأن الأسد والذئب والفيل أشجع منه، ومن سر بقوة جسمه فليعلم أن البغل والثور والفيل أقوى منه جسماً، ومن سر بحمله الأثقال فليعلم أن الحمار أحمل منه، ومن سر بسرعة عدوه فليعلم أن الكلب والأرنب أسرع عدواً منه، ومن سر بحسن صوته فليعلم أن كثيراً من الطير أحسن صوتاً منه وأن أصوات المزامير ألذ وأطرب من صوته، فأي فخر وأي سرور في ما تكون فيه هذه البهائم متقدمة عليه. لكن من قوى تمييزه واتسع علمه وحسن عمله فليغتبط بذلك فإنه لا يتقدمه في هذه الوجوه إلا الملائكة وخيار الناس.


قال ابن حزم: رب مخوف كان التحرز منه سبب وقوعه. ورب سر كانت المبالغة في طيه سبب انتشاره. ورب إعراض أبلغ في الاسترابة من إدامة النظر. وأصل ذلك كله الإفراط الخارج عن حد الاعتدال. والفضيلة وسيطة بين الإفراط والتفريط فكلا الطرفين مذموم والفضيلة بينهما محمودة حاشا العقل فإنه لا إفراط فيه. والخطأ في الحزم خير من الخطأ في التضييع.

ومن العجائب أن الفضائل مستحسنة ومستثقلة والرذائل مستقبحة ومستخفة.

مخالطة الناس: محن الإِنْسَان في دهره كثيرة وأعظمها محنته بأهل نوعه من الإنس. وداء الإِنْسَان بالناس أعظم من دائه بالسباع الكلبة والأفاعي الضارية لأن التحفظ من كل ما ذكرنا ممكن ولا يمكن التحفظ من الإنس أصلاً. والغالب على الناس النفاق ومن العجب أنه لا يجوز مع ذلك عندهم إلا من نافقهم.





أقول:صدق الشيخ، فأكبر محنة هي الناس، هم وقود الإبتلاء، ففيهم الشهوة ودوافع الظلم والعدوان وأسباب التفاخر بالباطل، وغير ذلك، وهم هائمون في هذه الدنيا بحثا عن المتع، يحسبون غرورا أنهم خالدون فيها، أغلبهم ينسى خالقه في خضم تلك الحروب الشيطانية، فهل هم معذورون؟

لا، فرغم صعوبة الإمتحان هم مدعوون إلى التفكر في أنفسهم وفي دنياهم من أجل تبين الطريق الصحيح، ولو كان ذلك مستحيلا لما كلفهم الخالق به. لكن السبب في انحرافهم هو إفراطهم في التعلق بالدنيا، ومن أحب شيئا وُكِل إليه..

مثلا أنا أعتقد أن من الأسباب الرئيسية للجنون التعلق بالدنيا–طبعا توجد أسباب مرضية أخرى-، ولا أظن أن شخصا قانعا مؤمنا بما عند ربه يمكنه أن يتعرض للجنون لسبب دنيوي، لكن معظم الناس يجن بسبب تعلقه بهذه الدنيا فترى العاجز عن تحقيق أمل يصاب بلوثة في عقله، كذلك المفرط في تقديس أمر إذا فقده أو نوفس فيه..

وعند مخالطة الناس نكتشف أن كل واحد منهم مبالغ في التعلق بشيء ما، وغالبا ما يكون هذا الشيء وبالا عليه، فهو بين الإفراط والتفريط في أموره، والمؤمن الحقيقي يزن ذلك كله ببصيرته الثاقبة ويعتمد الوسط في الجميع..

ومما راعني في الناس–رغم قلة خبرتي- الشر الكامن في نفوسهم، فالواحد منهم قد يرتكب أفظع الجرائم من أجل مغنم تافه، أو عندا وتحمسا للشيطان والعياذ الله.

أيضا: قلة الوفاء، فأغلبهم وفي لمصالحه الأنانية وحدها، لا يُقَيِّمُك إلا على أساسها، والصغر يحجب خفاياه وطباعه لأن الإنسان حينها ما زال غافلا عن انانية وقسوة الحياة، أما بعد الكبر فترتسم المعالم الحقيقية للوحش الإنسان، ولهذا ترى أغلب الناس لا يصاحبون ولا يحبون إلا أزواجهم وأولادهم، ولولا المنفعة الظاهرة لما صاحبوهم، أما معاملتهم مع الآخرين فيشوبها البرود وتقديم النفع الخاص وعدم الإعتبار والتقدير وقلة حب الخير للغير.. فإذا التقت المصالح ضحك وبش وتنكت أما إذا تباعدت فإنه يعبس وييسر، ويظل هذا دأبه حتى يبعض البريء فيه وفي الناس ويحوله إلى خانة الوحوش فيتقوقع على نفسه وأسرته–التي قد لا تسلم بدورها من أنانيته- ويبغض كل ما سواها، وليت الأمر يتوقف عند البغض بل يسعى إلى أذية غيره بالغش والخيانة وقلة الصدق والوفاء والسرقة والكذب... إلخ، تجذيرا للشر في الناس..

أيضا: الخسة، وهذه هي أشد ما يؤلمني في الناس، ومنها الرضا بالدون دون محاولة تغييره، وقبول الإمتهان، كذلك عدم القيام بالمتوجب من المكرمات، مثلا أخ غني يتفرج على شقيقه الميت من الجوع دون أن يحرك ساكنا وهو قادر، ولا خسة أكبر -في رأيي- من خسة رجال الدولة الذين يرغبون عن توظيف ثرواتها الهائلة -التي لا ناقة لهم ولا جمل في وجودها- في إسعاد المواطنين المحتاجين وضمان العيش الكريم للمجتمع بأكمله كأن المال مال أجدادهم الفقراء..

مثلا لما لم يجز للوالد الغني (وهو أصل) التصدق بزكاة ماله على ولده الفقير (وهو فرع) إذ لا زكاة من أصل إلى فرع ولا من فرع إلى أصل، دل ذلك -حسب رأيي- على أنه يجب عليه أن يعطيه وإلا لما حرم من الزكاة، فما دام الوالد مقتدرا والإبن عاطلا عن العمل يجب عليه أن يعطيه ما يسد به عالته ويعف به دينه، والعكس إذا كان الولد غنيا والوالد فقير، وللأسف نجد الوالد الغني لا يعطي الزكاة لولده بحجة أن ذلك ليس جائزا، ولا يعطيه من حر ماله بحجة أن ذلك ليس واجبا، والنتيجة ضياع الإثنين لأن الله يأمر بالإنفاق وأولى الناس بالنفقة الأقربون..






قال ابن حزم:والغالب على الناس النفاق ومن العجب أنه لا يجوز مع ذلك عندهم إلا من نافقهم.

أقول: لأن النفاق شعيرة من شعائر عبادتهم للدنيا، تأمل في من يريد تحقيق منفعة أو الإستئثار بامرأة دون غيره، ألا تراه يلهث خلفها مثل الكلب الذليل، فهل هو معذور إن كان كاذبا فيما يظهر ويدعي وذلك الغالب، قد لا يريد إلا تحقيق منفعته، وأحيانا يهان فيصبر في سبيل ذلك الهدف المقدس صبر الكلب الذليل. ومما يضحكني أنني كنت في الصغر أرى تملق الفتيان للفتيات من النفاق ولا يجوز، والحقيقة أنه لا يجوز إلا إذا كان حقا وشرعيا..

قارن عدد المحيطين بك الراجين لنفعك بعدد المخلصين منهم، ستعرف أن سبب نفاق الإنسان هو عبادته لمصالحه الأنانية، وأغلب الناس عابدون لها، وقد ذكر الشيخ ابن تيمية رحمه الله -وبصر الحاقدين بعلمه الغزير- أنه حتى الوالد يربي ولده راجيا النفع من ذلك.




قال ابن حزم:ومن جالس الناس لم يعدم هماً يؤلم نفسه وإثما يُندم عليه في معاده وغيظاً ينضج كبده وذلاً ينكس همته فما الظن بعد بمن خالطهم وداخلهم، والعزة والراحة والسرور والسلامة في الانفراد عنهم ولكن اجعلهم كالنار تدفأ بها ولا تخالطها..

لا يغتر العاقل بصداقة حادثة له أيام دولته فكل أحد صديقه يومئذ.

اجتهد في أن تستعين في أمورك بمن يريد منها لنفسه مثل ما تريد لنفسك ولا تستعن فيها بمن حظه من غيرك كحظه منك.

لا تجب عن كلام نقل إليك عن قائل حتى توقن أنه قاله فإن من نقل إليك كذباً رجع من عندك بحق (أقول: فكر في هذه ولا تدعها تفوتك).

ومن أبواب العقل والراحة إطراح المبالاة بكلام الناس واستعمال المبالاة بكلام الخالق عز وجل. ومن قدّر أنه يسلم من طعن الناس وعيبهم فهو مجنون.





أقول:نعم، خالط المتكبرين وسترى من الأذية أو الهوان والذل ما لا يرضيك، خالط النفعيين الذين يضحكون لك في زمن دولتك وسترى ما يؤلمك، خالط أهل السوء ولن تسلم من شرر نارهم المتوقدة، حتى أهل العلم والدين قد لا تسلم من حسدهم ومنافستهم فكيف بمن دونهم. لكن لك دفء في القاعدة الجليلة التي أورد الشيخ (اجعل الناس كالنار تدفأ بها ولا تخالطها)، ففي الأخير لابد منهم، لكن القاعدة أن تكون بين الإفراط والتفريط، وهذا في جميع أمور الدنيا..

أما كلام الناس فكثيرون الذين يبالغون في تتبعه، والأصل هو أن السلامة من الغيبة والخوض في الآخرين أمر مستحيل لأن الناس يغلب عليهم الشر والفراغ، فعلى الأقل امنع نفسك من الحديث في غيرك بما لا يسره.






قال ابن حزم: وأما ذم الناس إياه فإن كان بحق فبلغه فربما كان ذلك سبباً إلى تجنبه ما يعاب عليه وهذا حظ عظيم لا يزهد فيه إلا ناقص. وإن كان بباطل وبلغه فصبر اكتسب فضلاً زائداً بالحلم والصبر وكان مع ذلك غانماً لأنه يأخذ حسنات من ذمه بالباطل فيحظى بها في دار الجزاء أحوج ما يكون إلى النجاة بأعمال لم يتعب فيها ولا تكلفها وهذا حظ عظيم لا يزهد فيه إلا مجنون.

وقال: ومن أساء إلى أهله وجيرانه فهو أسقطهم. ومن كافأ من أساء إليه منهم فهو مثلهم. ومن لم يكافئهم بإساءتهم فهو سيدهم وخيرهم وأفضلهم.





أقول:هذه قواعد جليلة، فالمسيء ساقط، والمجازي على الإساءة بمثلها مسيء، أما المتغاضي فهو خيرهم وسيدهم، وأفضل منه المكافئ بالخير على الشر، لكنه قليل لأن هذا لا تطيقه إلا النفوس العظيمة التي عرفت خالقها حق المعرفة..

وحب الإنتقام مرض خطير يدفع الإنسان إلا التآكل داخليا حتى يرتكب من المصائب ما قد يحرمه من دخول الجنة، وأسوأ أنواع الأذية والإنتقام–في رأيي- هو القتل والسحر، فأما قتل المسلم المؤمن فصاحبه ملعون والعياذ بالله، وأما سحر الناس، فكثيرون يذهبون إلا السحرة للدفاع عن النفس ضد أوهام سحر لن يصيبه منه إلا ما قدر له، أو لتحقيق سعادة يظن أن السحر يمكنه أن يساعده في تحقيقها، وينسى أنه يكفر بذلك بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. فالسحر تأثير على الآخر يدفعه إلى فعل ما لا يريد، وهذا تدخل مقيت في قدر الإنسان -بقدره-، وليس من حق أحد أن يوجه غيره لما يريد هو، ولهذا كانت العقوبة كبيرة، أما الساحر فهو كافر لأن الشياطين لا تعينه على السحر إلا إذا كفر بربه، ومن دخل بيت ساحر فهو كالداخل معبد تعبد فيه الأوثان، وأول وثن سيعبده منها هو ذلك الساحر أما البقية فمنها أنانيته وضعف توكله على ربه وجهله وخبثه..







قال ابن حزم:وطوبى لمن علم من عيوب نفسه أكثر مما يعلم الناس منها.

ثق بالمتدين وإن كان على غير دينك ولا تثق بالمستخف وإن أظهر أنه على دينك.

من استخف بحرمات الله تعالى فلا تأمنه على شيء مما تشفق عليه.





أقول: ما أكثر عيوب الإنسان التي ينسى عندما يتتبع غافلا عيوب الآخرين، تجده يضحك من شكل إنسان ناسيا أنه أقبح منه شكلا -وهذه كثيرة-، وتجده يعير جاهلا بجهله ناسيا أنه أجهل منه، وتجده يقيم غيره على أساس المادة ناسيا أنه بلا دين وأخلاق وإن كثر ماله. وأحيانا يكون منبع ذلك عقدة في النفس تدفعه إلى اثبات أنه الأفضل.. ولهذا قالوا: ما تكبر إلا وضيع أو من زلة في نفسه..

ومن الناس من يعيش متتبعا عيوب وأخطاء الآخرين كأنه بلا عيب ولا خطأ، ولو تفكر في نفسه لرحم غيره من فضوله وهذيانه. وأغلب ذلك في النساء، تفتح الواحدة منهن باب دارها على الحي بأكمله فلا تدخل نملة دار أحد ولا تخرج إلا عرفت لم وفيم وأين جلست. وهذا النوع من الفضول سمة من سمات التخلف، يقل في الدول المتحضرة لأن الناس فيها عندهم من يشغلون به أوقاتهم، فأنت ترى من لا شغل له ولا إنتاج يقف في الشوارع العربية متابعا ببصره كل ما يتحرك، ومفكرا في ارتكاب كل بلية، كل ذلك بسبب ضعف الدين والفراغ وضيق النظرة إلى الحياة، فبدل قضاء الساعات الطوال في القهوة أو في متابعة الأخبار التي لا تبقى لتجددها ولا تنتهي لكثرتها، كان أحرى به أن يتعلم كيف يصلي ويصوم وينفع المسلمين..






قال ابن حزم: استعمل سوء الظن حيث تقدر على توفيته حقه في التحفظ والتأهب، واستعمل حسن الظن حيث لا طاقة بك على التحفظ فتربح راحة النفس.

لا ترغب فيمن يزهد فيك فتحصل على الخيبة والخزي. ولا تزهد فيمن يرغب فيك فإنه باب من أبواب الظلم وترك مقارضة الإحسان وهذا قبيح.





أقول:سوء الظن مع من يستحق دفعا لشره هو من حسن الفطن كما يقولون، فلا يمكنك الثقة في لص أو فاسدة. وأعتقد أن كل الخصال إذا كان الهدف منها هو إحقاق الحق بالحق فهي جائزة، وهذه الحياة حرب وفي الحرب كل شيء مباح ما لم يُعْصَ الإله. مثلاالصدق، هل يعقل أن تصدق مع عدوك الذي يريد ضرك، إن فعلت ذلك ندمت. وهكذا...







قال ابن حزم: وأنا أعلمك أن بعض من خالصني المودة وأصفاني إياها غاية الصفاء في حال الشدة والرخاء والسعة والضيق والغضب والرضى تغير علي أقبح تغير بعد اثني عشر عاماً متصلة في غاية الصفاء ولسبب لطيف جداً ما قدرت قط أنه يؤثر مثله في أحد من الناس وما صلح لي بعدها ولقد أهمني ذلك سنين كثيرة هماً شديداً.





أقول:لا تثق في دنيا أبدا، فدوام الحال من المحال، وصاحب لله وابذل لهتسلم من الندم وسوء المنقلب، وتحفظ من جرح الآخرين ومن المزاح فإنه سبيل إلى ذلك، واحذر من المجاملة الزائدة التي تتحول إلى طبع فإن الآخر سيتكلف مجاملتك بدوره فلا تعرف صدقه من كذبه، وانزع الأستار التي تحول بينك وبين من تخالط ليظهر لك على حقيقته وتستمر الصحبة أو تروح إن لم تكن نافعة فذلك خير من بقائها، ولهذا كانوا ينصحون بتجربة الآخرين قبل مخالطتهم لمعرفة حقيقتهم لأن البسمة تقابل ببسمة أعرض منها ولا تكفي لمعرفة الآخر. ولا أثقل من تورط حمل في لبوة مبسام قبل الزواج، أو غزالة في أسد منافق، وأغلب المنكوبين من الأزواج من هذين الصنفين.






قال ابن حزم:وابذل فضل مالك وجاهك لمن سألك أو لم يسألك ولكل من احتاج إليك وأمكنك نفعه وإن لم يعتمدك بالرغبة، ولا تشعر نفسك انتظار مقارضة على ذلك من غير ربك عز وجل ولا تبن إلا على أن من أحسنت إليه أول مضر بك وساع عليك فإن ذوي التراكيب الخبيثة يبغضون لشدة الحسد كل من أحسن إليهم إذا رأوه في أعلى من أحوالهم.

وعامل كل أحد أحسن معاملة وأضمر السلو عنه إن فات ببعض الآفات التي تأتي مع مرور الأيام والليالي، تعش مسالماً مستريحاً.

والناس في أخلاقهم على سبع مراتب: فطائفة تمدح في الوجه وتذم في المغيب وهذه صفة أهل النفاق من العيابين، وهذا خلق فاش في الناس غالب عليهم. وطائفة تذم في المشهد والمغيب وهذه صفة أهل السلاطة والوقاحة من العيابين. وطائفة تمدح في الوجه والمغيب وهذه صفة أهل الملق والطمع. وطائفة تذم في المشهد وتمدح في المغيب وهذه صفة أهل السخف والنواكة (الحمق).

وأما أهل الفضل فيمسكون عن المدح والذم في المشاهدة، ويثنون بالخير في المغيب أو يمسكون عن الذم. وأما العيابون البرآء من النفاق والقحة فيمسكون في المشهد ويذمون في المغيب. وأما أهل السلامة فيمسكون عن المدح وعن الذم في المشهد والمغيب. ومن كل من أهل هذه الصفات قد شاهدنا وبلونا.

والصبر على الجفاء ينقسم ثلاثة أقسام: فصبر عمن يقدر عليك ولا تقدر عليه. وصبر عمن تقدر عليه ولا يقدر عليك. وصبر عمن لا تقدر عليه ولا يقدر عليك. فالأول ذل ومهانة وليس من الفضائل، والرأي لمن خشي ما هو أشد مما يصبر عليه: المتاركة والمباعدة. والثاني فضل وبر وهو الحلم على الحقيقة وهو الذي يوصف به الفضلاء. والثالث ينقسم قسمين: إما أن يكون الجفاء ممن لم يقع منه إلا على سبيل الغلط ويعلم قبح ما أتى به ويندم عليه فالصبر عليه فضل وفرض وهو حلم على الحقيقة. وأما من كان لا يدري مقدار نفسه ويظن أن لها حقاً يستطيل به فلا يندم على ما سلف منه فالصبر عليه ذل للصابر وإفساد للمصبور عليه لأنه يزيد استشراء، والمقارضة له سخف، والصواب إعلامه بأنه كان ممكناً أن ينتصر منه وإنه إنما ترك ذلك استرذالاً له فقط وصيانة عن مراجعته ولا يزاد على ذلك. وأما جفاء السفلة فليس جزاؤه إلا النكال وحده.






أقول:بعض الناس–مثلي- من النوع الأول، النوع الذي يصبر عمن يقدر عليه ولا يقدر هو عليه، ويظن أن هذا من الفضيلة وإنما هو من الحمق، لأنك مثلا إن صبرت عن البحث عن منفعتك في السعي في الزواج بمن تراه الأفضل بالنسبة لك والتودد له ولعشيرته كنت أنت الخاسر، لأن المهم في هذه الحياة هو الربح بالطرق السليمة، وأكبر ربح يجب السعي لتحصيله وعليه يدور الربح كله هو الجنة جعلنا اله وإياكم من سكانها.

كذلك إن كان في أحد من الناس نفع لك وهو مستغن عنك فمن الغباء أن تستغني أنت عنه وأنت تحتاج إليه، خصوصا إذا كانت فرصة الربح منه أكبر من غيره، وهذا النوع من كرامة النفس إفراط غير مستحب، وأنظر إلى أحوال الناس تجد الملك يحتاج ويتودد إلى من هو دونه أو مثله من أجل ضمان منفعته، فكيف بمن هو دونه من أمثالنا..






يتبع إن شاء الله..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ibde3nawa3im.yoo7.com
 
إلى أين تقودنا الحياة.. قراءة في أفكار إبن حزم..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فضل قراءة القران الكريم
»  ما أجمل الحياة مع الله
» اثر العقيدة في ادراك الحياة السعيدة
»  ما الحكمة من قراءة سورة الفاتحة في كل ركعة ؟
» فضل قراءة سورة الكهف فى يوم الجمعة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الفضاء الديني :: شروحات وافية لكتاب الله تعالى العظيم-
انتقل الى: