بسم الله الرحمن الرحيم:
جاء في كتاب ( الدر الثمين ) للشيخ محمد بن أحمد ميارة المالكي
" كره مالك وجماعة من العلماء لأئمة المساجد والجماعات الدعاء عقيب الصلوات المكتوبة جهراً للحاضرين ". نقلا
ونقله القرافي أيضا عن مالك على ما أذكر
وإلى بدعية هذا الدعاء ذهب العز بن عبد السلام
ففي مواهب الجليل من كتب المالكية :
" َقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْجَامِعِ وَسُئِلَ عِزُّ الدِّين عَنْ ... الدُّعَاءُ عَقِيبَ السَّلَامِ مُسْتَحَبٌّ لِلْإِمَامِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أَمْ لَا ؟ ...
( فَأَجَابَ ) ... وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَأْتِي بَعْدَ السَّلَامِ بِالْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ وَيَسْتَغْفِرُ ثَلَاثًا ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ : { رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ } .
وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي اتِّبَاعِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْصَرِفَ عَقِبَ السَّلَامِ انْتَهَى
وهل الإمام الشاطبي مش عارف تعريف البدعة ؟!
قال في مواهب الجليل :
" وَقَدْ أَلَّفَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيُّ فِيهِ [ في بدعيته ]وَرَامَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَصْحَابُهُ الرَّدَّ عَلَيْهِ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ ضَعِيفَةٌ ا.هـ
وسيأتي أن خمسة عشر من فقهاء المالكية ذهبوا إلى بدعية هذا الدعاء فقول ابن عرفة شاذ مردود في مذهب مالك وهو أشذ عند مقارنته بأقوال المذاهب الأخرى
قال الشاطبي في الاعتصام عن هذا الدعاء ناقلا بدعيته عن العلامة ابن بطال وعن أحد شيوخه فقال :
" قال بعض شيوخنا الذين استفدنا منهم :
... ولو كان هذا حسنا لفعله النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه رضي الله عنهم ولم ينقل ذلك أحد من العلماء مع تواطئهم على نقل جميع أموره حتى : هل كان ينصرف من الصلاة عن اليمين أو عن الشمال ؟
وقد نقل ابن بطال عن علماء السلف إنكار ذلك والتشديد فيه على من فعله بما فيه كفاية
هذا ما نقله الشيخ بعد أن جعل الدعاء بإثر الصلاة بهيئة الاجتماع دائما بدعة قبيحة واستدل على عدم ذلك في الزمان الأول بسرعة القيام والانصراف لأنه مناف للدعاء لهم وتأمينهم على دعائه بخلاف الذكر ودعاء الإنسان لنفسه فإن الانصراف وذهاب الإنسان لحاجته غير مناف لهما " ا.هـ
وقال الشاطبي أيضا :
" فتارة نسبتُ إلى القول بأن الدعاء لا ينفع ولا فائدة فيه كما يعزى إلى بعض الناس بسبب أني لم ألتزم الدعاء بهيئة الاجتماع في أدبار الصلاة حالة الإمامة وسيأتي ما في ذلك من المخالفة للسنة وللسلف الصالح والعلماء " ا.هـ
قال الشاطبي رحمه الله ردا على من زعم أن الدعاء بعد الصلوات لم ينكره العلماء فقال :
" بل ما زال الإنكار عليهم من الأئمة فقد نقل الطرطوشي عن مالك في ذلك أشياء تخدم المسألة فحصل إنكار مالك لها في زمانه وإنكار الإمام الطرطوشي في زمانه واتبع هذا أصحابه ، ثم القرافي قد عد ذلك من البدع المكروهة على مذهب مالك وسلمه ولم ينكره عليه أهل زمانه ـ فيما نعلمه ـ مع [ قوله ] أن من البدع ما هو حسن
ثم الشيوخ الذين كانوا بالأندلس حين دخلتها هذه البدعة ـ حسبما يذكر بحول الله ـ قد أنكروها وكان من معتقدهم في ذلك أنه مذهب مالك وكان الزاهد أبو عبد الله بن مجاهد وتلميذه أبوعمران الميرتلي رحمهما الله ملتزمين لتركها حتى اتفق للشيخ أبي عبد الله في ذلك ما سنذكره إن شاء الله " ا.هـ
وقد اجتمع عندي خمسة عشر إماما من أئمة المالكية قالوا ببدعية الدعاء بعد كل صلاة بالهيئة المعروفة بما فيهم الشاطبي وهم :
ـ الإمام الطرطوشي
ـ ابن بطال
ـ الإمام القرافي
ـ ابن رشد محمد بن أحمد
ـ أبو عبد الله بن مجاهد
ـ أبو عمران الميرقلي
ـ خليل صاحب المختصر
ـ أحمد بن قاسم أبو العباس
ـ محمد بن محمد الحطاب
ـ محمد بن يوسف العبدري أبو عبد الله
ـ أحمد بن أحمد زروق
ـ أحمد بن محمد الدردير
ـ أحمد بن غنيم بن مهنا النفراوي
ـ العلامة الزرقاني في الشرح على المختصر
يضاف إليهم علماء الأندلس الذين نقل عنهم الشاطبي آنفا
وهؤلاء الخمسة عشر وغيرهم لا يوجد في المالكية من يخالفهم ممن يعتمد قوله فيما أعلم إلا على سبيل الشذوذ كما هو قول ابن عرفة
وأنا لا أعلم إلى لحظتي هذه أحد ممن يعتد بقوله ويقتدى به من العلماء المعروفين من قال بهذا الدعاء المحدث على الوجه المعمول به في المساجد غير ابن عرفة..
جاء في المدونة
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ : أَنَّهُ كَانَ إذَا سَلَّمَ لِمَكَانِهِ عَلَى الرَّضْفِ حَتَّى يَقُومَ ، وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : جُلُوسُهُ بَعْدَ السَّلَامِ بِدْعَةٌ .
وفي المدونة
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ : أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ أَخْبَرَهُ قَالَ : سَمِعْتُ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَعِيبُ عَلَى الْأَئِمَّةِ قُعُودَهُمْ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَقَالَ : إنَّمَا كَانَتْ الْأَئِمَّةُ سَاعَةَ تُسَلِّمُ تَنْقَطِعُ مَكَانَهَا .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَبَلَغَنِي عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهَا السُّنَّةُ .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : يَجْلِسُ عَلَى الرَّضْفِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ذَلِكَ .