آسيا بنت مزاحم

موضوع: آسيا بنت مزاحم الخميس يناير 31, 2013 11:25 am

آسيا بنت مزاحم

آسيا بنت مزاحم
نسبها :
هى آسيا بنت مزاحم
بن عبيد بن الريان بن الوليد الذي كان فرعون مصر في زمن يوسف- عليه
السلام- وقيل إنها كانت من بني إسرائيل من سبط موسى- عليه السلام- وقيل بل
كانت عمته . وقيل إنها كانت من بني إسرائيل من سبط موسى- عليه السلام- وقيل
بل كانت عمته .
زواجها من فرعون :
لا تسلم بعض الكتب والروايات التى تحدثت عن الكيفية التى تزوج بها فرعون عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين من السيدة آسيا رضى الله عنها من التناقضات . حيث ورد : إن فرعون خطب آسيا
إلى أبيها وكانت ذات جمال رائع وقد وُصفت له ، فشق ذلك على أبيها وضاق
ذرعاً بهذا الطلب ولكنه لم يستطع أن يرفض طلب هذا الطاغية فزوجها له . وقيل
أيضاً أن أبا آسيا رفض بادئ الأمر ولكن فرعون إصر وساق له مهر ابنته وتزوجها . وفي رواية للسدي : إن أبا آسيا
رأى في منامه قبل أن تُولد ، كأن جوهرة في حجره فأتى غراب فانقض عليها .
ولما ذهب إلى المفسرين قالوا له : تُولد لك جارية وتكون تحت رجل كافر .
وكان إن تزوجها فرعون . وتزعم المصادر إن فرعون لم يستطع الاقتراب منها
لقضاء حاجته الزوجية فقد عصمها الله منه فكيف وهى المسلمة المؤمنة وهو
الطاغية الكافر فرضي بالنظر إليها .
حياتها :
توفر لها في قصر الحكم كل ما تتمناه الأنفس من بذخ
ورفاهية، وخدم وحشم، وسلطة وجاه، ومال وممتلكات . كانت تعيش في أعظم قصر في
زمانها تحت يديها الكثير من الجواري والعبيد حياتها مرفهة . .. متنعمة .
وقد اتيحت لها كافة امكانات الرخاء وتجملات الحياة وكان يقدم لها كل ما
تريد وما تشتهي . وكانت تستطيع أن تتمتع في حياتها بالذهب والحلي
والمجوهرات والبذخ والعيش الملكي الهانئ لتكون غافلة عن الله عز وجل والقيم
الإنسانية .
قصتها مع كليم الله عليه السلام وإسلامها :
حينما أوحى اللَّه إلى أُمِّ
موسى أن تُلْقيه فى صندوق ، ثم تلقى بهذا الصندوق فى البحر وفيه موسى ،
ويلْقِى به الموج نحو الشاطئ الذى يطلّ عليه قصر فرعون ؛ فأخذته الجواري ،
ودخلن به القصر ، فلما رأت امرأة فرعون ذلك الطفل فى الصندوق ؛ ألقى الله
فى قلبها حبه ، فأحبته حبَّا شديداً . وجاء فرعون ليقتله - كما كان يفعل مع
سائر الأطفال الذين كانوا يولدون من بنى إسرائيل - فإذا بها تطلب منه أن
يبقيه حياً ؛ ليكون فيه العوض عن حرمانها من الولد . وقالت له : {قُرَّةُ
عَيْنٍ لِي وَلَكَ ‏} فقال لها فرعون ‏:‏ (أما لك فنعم، وأما لي فلا حاجة
لي فيه) .‏‏ فسبحان الهادي .. فقد أخبر نبيّنا محمد صلّى الله عليه وسلم‏
عن جواب فرعون لزوجته، فقال :‏ [‏والذي يحلف به ،، لو أقرّ فرعون أن يكون
قرّة عين له، كما أقرّت إمرأته، لهداه الله كما هداها .. ولكن حرمه ذلك ] .
وكانت آسيا
عاقلة وحكيمة فقالت له:‏ ‏{‏عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا‏}‏ ‏{‏أَوْ
نَتَّخِذَهُ وَلَداً‏}‏ وذلك أنهما تبنّياه؛ لأنه لم يكن يولد لهما ولد ‏.
وقد أنالها الله ما رجت من النفع في الدنيا والآخرة . أما في الدنيا فهداها
الله به ، وأما في الآخرة فأسكنها جنّته بسببه‏ . وهكذا مكن اللَّه لموسى
أن يعيش فى بيت فرعون، قال تعالي: (وَأَوْحَيْنَا
إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ
فِى الْيَمِّ وَلَا تَخَافِ ولا تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ
وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ. فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ
لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا
كَانُوا خَاطِئِينَ. وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّى
وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا
وَهُمْ لَا يَشْعُرُون) [القصص 7-9] .إستخدمت تأثيرها على فرعون
للحيلولة دون وقوع أي ضرر على موسى عليه السلام . وتعددت المواقف في دفعها
الضرر عنه عليه السلام ، ففي "بعض الروايات أن فرعون كان يضع موسى عليه
السلام فى حجره يلاعبه فقام موسى بجذب لحية فرعون بقوة فإستشاط غضباً وأمر
بقتل موسى ، فاسرعت آسيا
وذكرته بأنه طفل صغير ، وإقترحت عليه بعمل إختبار صغير لإختبار فهمه
وعقله بأن يضع أمام موسى الجمر والتمر ، فامتدت يدا الطفل الصغير نحو التمر
، إلا أن الله تعالى يرسل جبريل فيضرب يده فتقع على الجمر ويضعها في فمه
الصغير فيحترق طرف لسانه فيصبح من بعدها ألثغ و لم تكن مانعة له أن كلمه
الله تعالى وأوحى إليه وأنزل بعد ذلك التوراة عليه .
وكانت السيدة آسيا
ذات فطرة سليمة ، وعقل واعٍ ، وقلب رحيم ، فاستنكرت الجنون الذى يسيطر
على عقل زوجها ، ولم تصدق ما يدعيه من أنه إله وابن آلهة . وحينما شَبَّ
موسى وكبر ، ورحل إلى مدين ، فراراً من بطش فرعون وجنوده ثم عاد إلى مصر
مرة أخرى - بعد أن أرسله اللَّه - كانت امرأة فرعون من أول المؤمنين بدعوته
.
صبرها وثباتها على الإيمان :
عندما اكتشف أمرها ، لم تنهزم، ولم تنكسر، ولم تتأخر في
مواجهته وهو أعتى الطغاة وهي امرأة لا حيلة لها إلا الله جل جلاله ؛
واجهته بالصبر والصمود ، الذي لا يخص الرجال وحدهم فحسب ، بل إن امرأة
كآسيا هذه إذا وُضِعت في كفة ترجح على كفة يوضع فيها ملايين الرجال من
الذين لا يمتلكون الإرادة والصبر والصمود . كانت مؤمنة مخلصة ، وكانت تعبد
الله سراً ، وكانت على ذلك إلى أن قتل فرعون امرأة حزبيل {ماشطة بنت فرعون}
لما علم من إبنته بإيمانها ، وكانت آسيا متطلعة من نافذة في قصر فرعون تنظر إلى الماشطة امرأة حزقيل كيف تعذب وتقتل وكانت آسيا تعتصر ألماً وحزناً على الماشطة . فلما قُتلت الماشطة عاينت آسيا
الملائكة وقد عرجت بروحها لما أراد الله تعالى من كراماتها وما أراد لها
من الخير فزادت يقيناً وإخلاصاً وتصديقاً ، فبينما هي كذلك إذ دخل عليها
فرعون يخبرها بما صنع بالماشطة ، فقالت : الويل لك يا فرعون، ما أجرأك على
الله جل وعلا ؟ فقال لها : لعلك قد اعتراك الجنون الذي إعترى صاحبتك .
فقالت : ما إعتراني جنون ، لكن آمنت بالله تعالى ربي وربك ورب العالمين .
فجن جنونه فكيف تؤمن زوجته التى تشاركه حياته ، وتكفر به . فدعا فرعون
أمها، فقال لها : إن ابنتك أخذها الجنون ، فأقسم لتذوقن الموت أو لتكفرن
بإله موسى فخلت بها أمها ، فسألتها موافقته فيما أراد ، فأبت ، وقالت : أما
أن أكفر بالله فلا والله لا أفعل ذلك أبداً . وعندما أصرت على إيمانها ،
قال فرعون للملأ : ما تعلمون من آسية بنت مزاحم
؟ فاثنوا عليها . فقال لهم : انها تعبد غيري فقالوا له : أقتلها . إن
فرعون أوتد لامرأته أربعة أوتاد في يديها ورجليها فكان إذا تفرقوا عنها
ظللتها الملائكة ، فقالت : { رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون
وعمله ونجني من القوم الظالمين } فكشف لها عن بيتها في الجنة . عن
سلمان الفرسى رضى الله عنه قال : ( كانت امرأة فرعون تعذب بالشمس فإذا
انصرفوا عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها وكانت ترى بيتها في الجنة ) أخرجه
الطبري في تفسيره والحاكم ، وإسناده صحيح . وروي عن أبي رافع قال : وتد
فرعون لامرأته أربعة أوتاد . ثم حمل على بطنها رحى عظيمة حتى ماتت . وهذا
صحيح لكنه مع وقفه مرسل . قيل وضعوها في الحر اللاهب ، تحت أشعة
الشمس المحرقة ووضعوا على ظهرها صخرة كبيرة لقد كانت متنعمة بالفرش الوثير
وشتى أنواع الطعام ، والمقام الكريم . والآن تضرب بالأوتاد تحت أشعة الشمس
وعلى ظهرها صخرة كبيرة . فدعت آسيا
ربها فقالت : ربي ابن لى عندك بيتا في الجنة . فوافق ذلك ان حضرها فرعون ،
فضحكت حين رات بيتها في الجنة فقال فرعون الا تعجبون من جنونها انا نعذبها
وهى تضحك !! . قام بتعذيبها حيث عَزَّ عليه أن تخرج زوجته على عقيدته ،
وتتبع عدوه، فأمر بإنزال أشد أنواع العذاب عليها ؛ حتى تعود إلى ما كانت
عليه ، لكنها بقيت مؤمنة بالله ، واستعذبت الآلام فى سبيل اللَّه .
فضلها :
إختارها الله لتكون الأم البديلة الحنونة المُنقذة
لسيدنا نبى الله موسى عليه السلام . قالت : (رب ابن لي عندك بيتاً فى الجنة
) ، وكان لها ما تمنت فقد بنى الله لها بيتاً فى الجنة . وقال العلماء عند
تفسير هذه الآية الكريمة لقد إختارت آسيا الجار قبل الدار . و إستحقت أن يضعها الرسول صلى الله عليه وسلم مع النساء اللاتى كملن ، وذلك عندما قال : (
كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ ،‏ وَ لَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ
إِلاَّ آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ،‏ وَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ )
رواه البخارى ومسلم والترمذى وابن ماجة . أن اسمها جاء مقرونا مع مريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ـ رضي الله عنهن وأرضاهن فقد بنت
روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خط أربع
خطوط فى الأرض : (أتدرون ما هذا ؟ . قلنا : الله ورسوله أعلم . فقال صلى
الله عليه وسلم : أفضل نساء الجنّة أربع - خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت
محمد ، ومريم عمران ، وآسيا بنت مزاحم )
. كما روى أنها ومريم بنت عمران ستكونان من أزواج النبى عليه الصلاة
والسلام فى الجنة والله أعلم { كل الأحاديث التى جاءت بهذا الخصوص ضعيفة
السند أو متقطع } . وفي حقها قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : (ثلاثة
لم يكفروا بالوحي طرفة عين : مؤمن آل يس ، وعلي بن أبي طالب ، وآسيا امرأة
فرعون) . ( سيدات نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران : فاطمة ، وخديجة ،
وآسيا امرأة فرعون ) . ( أفضل نساء أهل الجنة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة
بنت محمد ، ومريم بنت عمران ، وآسيا بنت مزاحم امرأة فرعون ) .
وفاتها :
أرسل اليها فرعون فقال أنظروا اعظم صخرة تجدونها
فان مضت علي قولها فألقوها عليها وان رجعت عن قولها فهى أمرأتى فلما اتوها
رفعت بصرها الي السماء فأبصرت بيتها في الجنة فمضت علي قولها فدعت الله ،
وانتزع الله روحها فألقيت الصخرة على جسد لا روح فيه ، فلم تجد ألماً من
عذاب فرعون . إلتجأت إلى الله عز وجل لتعلمنا أهمية الدعاء، {قَالَتْ
رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن
فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
[التحريم:11]. قيل : رفعها الله في الجنة فهي فيها تأكل وتشرب ،
وقيل إنها أبصرت بيتها في الجنة في درة . قالوا فى تفسير هذه الآية : قد
قدمت (عندك) على (في الجنة) ولهذا سر عظيم ألا وهو : أنها طلبت القرب من
رحمة الله والبعد من عذاب أعدائه ثم بينت مكان القرب بقولهم: "في الجنة" أو
أرادت إرتفاع الدرجة في الجنة وأن تكون جنتها من الجنان التي هي أقرب إلى
العرش وهي جنات المأوى فعبرت عن القرب إلى العرش بقولها : (عندك) .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أحب لقاء الله ، أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه) . هاهى قدوتنا السيدة آسيا بنت مزاحم قد أحبت الله ولقاءه فأكرمها وهو أهل الكرم .
إختلفت الروايات في كيفية إغتيال جسدها الطاهر ، لكنها أجمعت على عظم
تعذيبها ومدى شجاعتها وصمودها ، حتى كانت قدوة في الصبر على أذى الزوج ، فورد
عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم : (مَنْ صبر على سوء خلق امرأته أعطاه
الله من الأجر ما أعطى أيوب عليه السلام على بلائه ، ومن صبرت على سوء خلق
زوجها أعطاها الله مثل ثواب آسيا بنت مزاحم ) .
واجهت الموت في سبيل
الجنة.. ذهبت عن هذه الدنيا شهيدة على يد الطاغوت، لكنها انتصرت بدمها
وخلدت مع الخالدين في أعلى عليين.. نعم، نهاية حياتها كانت محزنة من حيث
التعذيب والتنكيل حتى استشهدت، كانت نجاتها في التراجع عن إيمانها، لكنها
أبت إلا تكون مضرب المثل في الإيمان .
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : رأيت أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم فرحوا بشيء لم أرهم فرحوا بشيء أشد منه . قال رجل :
يا رسول الله الرجل يحب الرجل على العمل من الخير يعمل به ولا يعمل بمثله .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المرء مع مَنْ أحب ) . لقد أحبت الله فأحبها وأسكنها جواره ، جنته .
السلام عليك يا مَنْ عرفت طريق الحق اتبعتْه دون خوف من
الباطل ، وظلم أهله ، فلقد آمنت باللَّه إيماناً لا يتزعزع ولايلين ، ولم
تفلح تهديدات فرعون ولا وعيده فى ثنيها عن إيمانها، أو إبعادها عن طريق
الحق والهدي. لقد تاجرتْ مع اللَّه، فربحَتْ تجارتها، باعتْ الجاه والقصور
والخدم، بثمن غال، ببيتٍ فى الجنة، وزواج الرسول ( فى الآخرة ونعم أجر
المؤمنين .
قال الله تعالى : ( وَمَنْ يُطِعِ
اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ
وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ
اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ) اللهم أجعلنا منهم وابن لى عندك بيتاً فى الجنّة وصل وبارك وسلم على الشفيع المشفع حتى ترضى .
..............................