بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين
وعلى آله وصحبه أجمعين .. إلـى يوم الدين اما بعد :
فمن المخالفات التي يجب على المسلم ان يتجنبها الافراط في الأكل :
فبعض الناس لا يملك نفسه عند الطعام والشراب، ويأكل كثيرًا، ولا يقوم من المائدة إلا وقد ملأ جميع الأثلاث، ولا يبالي بإدخال الطعام على الطعام حتى يلتهمالمائدة وما عليها
فيكون همه بطنه قبل الأكل وبعده ويصاب بالكسل والخمول والعجز وكثرة النوم
حتى تفوته الكثير من مصالح دينه ودنياه.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه" _رواه الترمذي رقم (2380)، وقال: حديث حسن صحيح وهو في صحيح الجامع برقم: 5550
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة» أخرجه البخاري
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:« خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير» أخرجه البخاري في كتاب الأطعمة
والتنويع في الأطعمة والإكثار منها يؤدي الى:
1-التشبه بالكفار:
قال تعالى: { وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ } الواقعة: 41
يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «المؤمن يأكل في معى واحدٍ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء» رواه البخاري.
في الحديث إشارة إلى أن المسلم تكفيه لقيمات يقمن صلبه، كما ورد في الحديث الآخر؛
أما الكافر فإنه مهما أكل وشرب وتلذذ، فلن يشعر بلذةٍ أو طعم لذلك
2-التشبه بالانعام :
يقول جلَّ ذكره: { وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ } محمد: 12
في الآية إشارة إلى أن هناك صنفًا من البشر ليس لهم همٌّ في الحياة سوى الأكل كما تأكل البهائم التي لا همة لها إلا في الاعتلاف، وفي هذه المشابهة من التنفير والبشاعة دلالات واضحة____-تفسير الطبري
قال تعالى: { إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } الفرقان: 44.
فهو مثل البهائم، يأكل ويشرب ولا يفكر في الآخرة-____تفسير الطبري
وسُئل سهل التستري: الرجل يأكل في اليوم أكلة, قال: أكل الصديقين, قيل له: فأكلتان,
قال: أكل المؤمنين, قيل له: فثلاث أكلات, فقال: قل لأهله يبنوا له معلفاً---- الفوائد, ص 232.
3-الجوع يوم القيامة:
وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: أكلت ثريدةً من خبر ولحم ثم أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فجلعت أتجشأ ، فقال: «يا هذا! كف من جشائك، فإن أكثر الناس شبعًا في الدنيا، أكثرهم جوعًا يوم القيامة»___صحيح الترغيب والترهيب في كتاب الطعام وغيره باب: الترهيب من الإمعان في التشبع والتوسع.. وقال الألباني رحمه الله: صحيح.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إن أهل الشبع، هم أهل الجوع غدًا في الآخرة»صحيح الترغيب والترهيب في كتاب الطعام وغيره باب: الترهيب من الإمعان في التشبع والتوسع. وقال الألباني رحمه الله: حسن لغيره.
4-الامراض والاسقام :
يقول علي بن الحسين: قد جمع الله الطب كله في نصف آية،
قوله عز وجل: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا } الأعراف: 31
فالذي يكثر في الطعام يريد الصحة والقوة، فيصاب بالتخمة أو تجلط بعض الشرايين أو يصاب بالضغط أو السكر إذا كان يكثر من السكريات والأملاح والدهنيات، أو يصاب بضيق التنفس؛ لأن المعدة إذا امتلأت بالطعام والشراب فإنها تضغط على القفص الصدري، فلا تأخذ الرئتان راحتهما بالزفير والشهيق، ويصاب كذلك بكثرة الإفرازات من الأنف والفم والقبل والدبر وكثرة العرق من سائر الجسم
فمن أراد صحة البدن, فعليه أن يأخذ بتوجيهات النبي - صلى الله عليه وسلم - في التوسط والتقليل من الطعام والشراب
5-الكسل عن العبادات:
ورد عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قوله: «إياكم والبطنة؛ فإنها مكسلة عن الصلاة، مؤذية للجسم، وعليكم بالقصد في قوتكم؛ فإنه أبعد عن الأشر، وأصح للبدن، وأقوى على العبادة، وإن امرءًا لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه»._____ الآداب الشرعية والمنح المرعية، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، (1391هـ)، ج (3/201
وقال سفيان الثوري: «عليكم بقلة الأكل تملكوا قيام الليل».
وهذا أمر ملحوظ. فإنه إذا ملأ بطنه بالطعام احتاج إلى الشراب، فيرتخي جسده، وتتخدر أعضاؤه،
فيكسل عن العبادة، ولا ينتفع بنفسه في باقي يومه و ليلته .
وفي الحديث إشارة إلى أن المسلم ينبغي أن تكون نهمته في الطاعة وطلب العلم، وليس في الأكل والملذات.
6-إشغال لربّات البيوت عن تلاوة القرآن وذكر الله تعالى:
حتى صار العيد عند كثير من الأسر موسماً لتنويع المأكولات والمشروبات.
وكأنهم يريدون أن يعوّضوا ما فاتهم في باقي الايام
ولا أدلّ على ذلك من استعداد الأسواق قبيل ذلك بكل ما لذّ وطاب مما يشبع الرغبات والشهوات،
والله المستعان
وفي هذا عبرة لأولئك المتخمين الذين يملؤون بطونهم بكل ما لذ وطاب، وما تركوا لآخرتهم شيئًا.و درس لأصحاب «الكروش».
قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين ج1 ص 459 :
يا ابن آدم! من أكل كثيرًا، شرب كثيرًا، فنام كثيرًا، فخسر كثيرًا
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.