إن الحمد لله، نحمده و نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن الثبات على دين الله مطلب أساسي لكل مسلم صادق يريد سلوك الصراط المستقيم ..
ولكن المسلمين في الوقت الحاضر أمام كثير من الفتن والمغريات التي بنارها يكتوون، وأصناف الشهوات والشبهات التي بسببها أضحى الدين غريباً...
روى الأمام مسلم في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء"
ولهذا قال النبي عليه أفضل الصلاة والسلام :
(القابض على دينه كالقابض على الجمر).
سنن مهجورة..
نجد اليوم الكثير من السنن التي جاء بها نبي الرحمة لم يعد يعمل بها قد تنساهـا الناس وشغلتهم الدنيا ، فلم يعد الجار يسأل عن جاره ، ولم تعد الأرحام تتلاقى ، ولم يعد نرى البر في الأبناء ، و المنكر صار جهاراً والأمر بالمعروف لم يعد يأخذ به ، والمساجد قد هجرت من المسلمين ألا من قد رحم ربي .
فما معنى السُنة النبوية ؟؟
السُنّة النبوية
هى المصدر الثانى فى التشريع بعد القرآن الكريم، وهى كل ماصدر عن النبى صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أوتقرير .
1 ـ فالسنة القولية : هى كل مانطق به صلى الله عليه وسلم كقوله " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ مانوى .
2 ـ السنة الفعلية : هى كل ماصدر من النبى صلى الله عليه وسلم من أفعال أو أعمال ككيفية صلاته وحجه ؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتمونى أصلى وأحج وقال خذوا عنى مناسككم .
3 ـ السنة التقريرية : هى أن يسكت النبى عن عن إنكار فعل أو قول صدر من أحد فى حضرته أوغيبته وعلم به
مسح النوم عن الوجه عند الاستيقاظ
من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم مسحه للنوم عند الاستيقاظ عن وجهه بيده كما في الحديث
عند البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أنه بات عند ميمونة رضي الله عنها -وهي
خالته- قال: "فاضطجعت على عرض الوسادة، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها،
فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتصف الليل أو قبله أو بعده بقليل، استيقظ رسول الله صلى الله
عليه وسلم فجلس فمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات، خواتيم سورة آل عمران..".
صفة هذا المسح
ظاهر النص أنه مسح النوم عن وجهه بيده، فإما أن يحمل عليه فيكون المسح لعموم الوجه بباطن الأصابع
أو بها مع الراحة على ما يتبادر فهمه من اللفظ.
وذِكْر اليد في الحديث لا يمنع أن يحصل المسح باليدين معا فيكون ذكر اليد مرادا به الجنس، ولهذا لم يحدد
أي اليدين مسح بهما، فيحتمل أنه مسح بهما معا أو بأحدهما.
ويحتمل أنه "يمسح بيده عينيه من باب إطلاق اسم الحال على المحل، أو أثر النوم من باب إطلاق السبب
على المسبب" الفتح 1/288.
ويكون المراد من الكلام المجاز ولهذا قال النووي: "وفيه استعمال المجاز" شرح مسلم 6/46.
حكم هذا المسح
يستحب مسح الوجه باليد بعد القيام من النوم إتباعا لسنته عليه الصلاة والسلام لأن أفعاله حجة كأقواله،
لاسيما وقد تلا خواتيم سورة آل عمران وهي مشتملة على أدعية عظيمة نافعة، فالخير فيما فعله صلى الله
عليه وسلم فهو الأسوة والقدوة.
قال النووي رحمه الله مبينا معنى قول ابن عباس: (فجعل يمسح النوم عن وجهه)، "معناه أثر النوم وفيه
استحباب هذا" شرح مسلم 6/46.
الحكمة من ذلك
كل أعماله وتصرفاته صلى الله عليه وسلم حكمة، ولعل الحكمة من هذا العمل طرد أثر النوم والاستعداد
للنهوض وتجلية البصر، لأن النوم له أثر في إطباق الجفون، فعندما يصحوا النائم قد تراه مفتوح العينين
ولكنه لا يرى شيئا أو لا يدرك ولا يتحقق ما أمامه.
ومن الناس من يستيقظ ويمشي وهو مفتوح العينين ولا يدري إلى أي اتجاه يذهب.
فلعل هذه هي الحكمة، وإن كنا نقول: الذي ينبغي هو الامتثال لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من السنن
الواجبات والمستحبات بغض النظر عن معرفتنا للحكمة لأن الامتثال لم يعلق بذلك كما قرر أهل العلم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله في معرض كلامه عن ذم بعض البدع الخاصة: "واعلم أنه ليس كل واحد بل ولا
أكثر الناس يدرك فساد هذا النوع من البدعة، ولا سيما إذا كان من جنس العبادات المشروعة بل أولوا
الألباب هم الذين يدركون بعض ما فيه من الفساد، والواجب على الخلق إتباع الكتاب السنة وإن لم يدركوا
ما في ذلك من المصلحة والمفسدة" الاقتضاء 282ا-283.