لم يعد هناك مكان في قلبي، قالتها وقد خفضت عيناها تخفي القليل من ارتباكها، فهي لم ترد أبدا أن تجرحه لكن لا حل أمامها
لم تكن المرة الاولى التي ترفض فيها صديقا و لا الاخيرة ،ولن يكون سوى واحد آخر تضمه ‘الى اللائحة الطويلة التي تطلبها للزواج
نهضت بعده حتى لا تجرحه أمام الناس ايضا، كانت تعلم بحبه لها من بدايته لكنها ابدا، ما شجعته أو اوهمته كانت صريحة معه وصادقة معه ،فهي حتى الصداقة لم تقبل و حاولت الكثير لتمنعه عن حبها فقد توقفت عن رؤيته وعن الرد على مكالماته، حتى انها غيرت رقم هاتفها للمرة الثالثة، لكن كل هذا لم يفهمه
وبقي على اصراره صامدا، ولم يترك لها من حل سوى الاذعان ، فاستسلمت أخيرا لصموده لكن بشرط صداقة بريئة لا تتعدى السلام في الصباح والوداع في المساء
قبل بكل الشروط دون كلمة ولا تنهد ،حتى انها رأت السعادة تطفو من بريق عينيه الضاحكتين، هي لم تمنحه لا الخلود و لا السعادة المطلقة مجرد كلمتين كحد اقصى في النهار، و مع هذا كان سعيدا،
قبل ان تخبره بقرارها كانت مرتعبة من ردة فعله، من غضبه أو حسرته على هذا الشرط القاسي لكنها تفاجأت عندما قبل، بل كادت السعادة تخنقه
لكنه أفسد كل الخطط و اغرق كل السفن بطلب الزواج، فهي لن تسامحه أبدا على خيانة الوعد، لقد وعدها بأن لا ينتظر منها شيئاو لا يطلب أكثر مما منحته، لن تعود للكلام معه ثانية كان هذا قرارها الاخير
توقف قبل أن يصل للباب، ففتحه لها كعادته في كل مساء في نهاية الدوام بعد أن ينتظرها بعد الدوام ، كان انتظاره لها في كل مرةيطول اكثر من سابقتها، حتى إن العد قد وصل إلى النصف ساعة، لكنه مازال ينتظر عند باب الخروج حتى يفتحه لها الباب و يوصلها إلى محطة الحافلات و ينتظر معها وصول الحافلة لتقلها
تباطأت خطواته لتلحق مع خطوات الطفلة التائهة التي معه، لكنها لم تكن أبدا طفلة ولن تكون كانت ومازالت تجسد حلمه الضائع ، وقال بعد صمت طويل: لا بأس
رفعت بصرها اليه وابتسمت بحزن وقالت: لا، أنا لا اريد لك ان تتعذب بسببي،لهذا لن يكون بيننا أي كلام بعد الان
فقاطعها: أنا لن أتراجع ابدا
لكنه تراجع بسرعة بعد أن رأى العبرات تهدد بالهروب قائلا: لا تحزني يا اختاه فلن أعيد طلبي هذا ما حييت
-أنا اسفة حقا، لكنني لا يمكنني أن اخون
- من تخونين أيتها المجنونة ، لقد مات منذ ثلاث سنوات
-اعرف لكن ماذا أفعل إذا النسيان تاهت طريقه إلي ومازلت ذكرياتي معه ترافقني اينما نظرت ، ماذا أفعل ان كنت لا أرى في الوجوه غير وجهه
لقد كان ومازال ولن يترك ما عهدته له به من مكان في قلبي، به قد امتلأ قلبي ، وماذا تريد مني أن اقول له، فوق اوفى مني
توقف فجأة وقال: فوق؟
ابتسمت ثانية وقالت: كلبنا، كنا قد وجدناه مرميا حين كان جروا وحمله ورباه واغدقه من الحنان والحب ما صرت منه أغارفقد اعتبره كالولد الذي لم يَكتب لنا الله به ، بعد أن خلقني شجرة جوفاء لا تثمر
أتريد مني الا اصبر و هو قد صبر علي كل حياتنا معا قبل بحياة فارغة بلا أولاد بالرغم من اصرار حماتي العزيزة
أبعد كل هذا تطلب مني أن انسى من منحني أكثر ما كنت اتصور فلنلا تطلب مني أن أدع من الموت سببا لأخلف عهدي له بالحب الازلي، أنا فقط أنتظر ساعة اللقاء من جديد في الدار الثانية
سيدة الظلام