شرح أحاديث النبى صلى الله عليه و سلم**د.عبد الله شحاته رحمه الله تعالى - منتديات الطريق إلى الله
الحلقــــة الخامســة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" كان فيمن قبلكم رجل به جرح ...فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده ..فما رقأ الدم حتى مات ،قال الله تعالى بادرني عبدي بنفسهِ حَرّمت عليه الجنة "
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
رواه البخاري
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المشاهدون الكرام
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته،أهلاً بكم مع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" كان فيمن قبلكم رجل به جرح ...فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده ..فما رقأ الدم حتى مات ،قال الله تعالى بادرني عبدي بنفسهِ حَرّمت عليه الجنة "
أيها المؤمنون هذه صورة نراها أمام أعيننا ،" كان فيمن قبلكم رجل به جرح" .. يعني في بني إسرائل ،في الأمم السابقة " رجل به جرح" ...آلمه الجرح وإشتد به الجزع ولم يكن عنده صبر فجاء بسكين فقطع بها شريان في يدهِ وترك الدم ينزل وينزف حتى مات ،" قال الله تعالى بادرني عبدي بنفسهِ حَرّمت عليه الجنة " ومعنى " بادرني " ..يعني تأله ..جعل نفسه إله نفسه ،أنا أخلقه ،وأنا أميته ،في الميلاد الله هو الذي ينفخ الروح في الجسم ،في الوفاة الملائكة تقبض روح الميت ،لكنه "بادرني عبدي بنفسهِ" تعجل الموت قبل الأوان ، تأله وجعل نفسه إله نفسه ،قابل الله وجريمته على يدهِ "بادرني عبدي بنفسهِ" ،بكر قبل الآوان " حَرّمت عليه الجنة " جزاء إنه لم يخضع لأمري ،لم يصبر لقضائي ،لم يرضى بما كتبته عليه
أيها المؤمنون ..يروي كاتب الإسلام مصطفى صادق الرافعي أن شاباً قرر الإنتحار وأغلق جميع المنافذ ،فذهب إليه عالم في اللحظة الأخيرة وقرأ عليه قوله تعالى " وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ " فقال الشاب صبرنا حتى جاء ما لا صبر عليه ،فقال له المؤمن ..قال له العالم ،إن المؤمن يتحمل الأذى ،ويصبر على الأذى ولا تزيده الآلام إلا شدة توكل على الله ،قال تعالى " وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ " يا بني التوكل على الله ذكر أكثر من مرة في هذه الآية لأن الإنسان يتعرض في الدنيا للمحن والإمتحان ،ولا تزيده المحن إلا إيمانا ،ولذلك قال الله " وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ " ..في الشدة ،" وَالضَّرَّاءِ "والألم ،" وَحِينَ الْبَأْسِ " عند الصدمة الكبرى والنازلة العظمى ،" أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ " يا بني أي شئ في الدنيا لا صبر عليه ،والدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة ،يا بني إن الله هو الذي خلقك ورزقك وأعطاك الروح والمنتحر يلقى الله وجريمته على يدهِ ،لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من تحسى سماً ...أي من شرب سماً ..فهلك ،فسمه في يدهِ يتحساه إلى يوم القيامة ..يظل السم يقطع في أمعائه إلى يوم القيامة ،من وجأ بطنه بحديدة ،فحديدته في يده يجأ بها بطنه إلى يوم القيامة ،من تردى من فوق جبل فهو يتردى من فوق الجبل إلى يوم القيامة ،من أحرق نفسة بالنار ،فهو في النار إلى يوم القيامة" ،يا بني إفتح هذه الباب يا بني وأترك الهواء يدخل وتعامل مع فضل الله ،قم فتوضأ ،إن المؤمن إذا أراد الصلاة فغسل وجهه ،خرجت ذنوبة من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه ،وإذا غسل يديه خرجت ذنوبة من يديه حتى تخرج من تحت أظافرهِ ،وإذا مسح رأسه خرجت ذنوبة من رأسهِ حتى تخرج من تحت أخمص قدميه ،تطهر يا بني ،وأغسل جسمك وأغسل روحك من الداخل ،آمن بالله وآمن بالقضاء والقدر خيرهِ وشرهِ ،حلوهِ ومرهِ ،كل من عند الله يا بني ،إن الله قبل أن يخلق النفس كتب عليها رزقها وأجلها وكل ما يصيبها " مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا " ،قال تعالى " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ " ،يا بني الذي يقتل نفسه يقتلها في النار ..فبكى الشاب وآمن بالله وهداه الله إلى الصراط المستقيم
وبالله التوفيق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته