ال علماء وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) إن أحد الأشكال الرئيسية لتلوث الهواء كونيا والمسبب لمزيج من الضباب والدخان في الصيف (الضبخان)، يلعب أيضا دورا هاما في ارتفاع حرارة أو احترار القطب الشمالي.
ففي تقييم كوني لأثر الأوزون على احترار المناخ، قام علماء ناسا بمعهد غودارد للدراسات الفضائية في نيويورك بدراسة كيف غير الأوزون في الجزء الأدنى من الغلاف الجوي درجات الحرارة على مدى المائة سنة الماضية.
وباستخدام أفضل تقديرات متاحة للانبعاث الكوني للغازات والمنتج للأوزون، أظهرت نتائج النموذج الحاسوبي لمعهد غودارد مدى مساهمة هذا الغاز المسبب للاحتباس والملوث للهواء في تصاعد الاحتباس الحراري لأقاليم معينة في العالم.
بناء على هذا البحث الجديد، تبين أن الأوزون مسؤول عن ثلث إلى نصف الارتفاع الملحوظ في احترار القطب الشمالي خلال الشتاء والربيع. ويتم انتقال الأوزون من البلاد الصناعية في شمال الأرض إلى القطب الشمالي بكفاءة خلال هذين الفصلين. وقد قبلت نتائج هذا البحث من قبل الجمعية الجيوفيزيائية الأميركية للنشر في "مجلة الأبحاث الجيوفيزيائية".
"
يتكون الأوزون من عدة كيماويات موجودة في الغلاف الجوي قرب سطح الأرض، وتنتج عن مصادر طبيعية وأنشطة بشرية معا
"
أدوار متعددة
والمعلوم أن غاز الأوزون يلعب أدوارا عديدة مختلفة في الغلاف الجوي للأرض. ففي الجزء الأعلى من الغلاف الجوي (stratosphere)، يقوم الأوزون بحماية كوكب الأرض من الإشعاعات دون البنفسجية الضارة.
وفي الجزء الأسفل من الغلاف الجوي (troposphere)، يمكن للأوزون أن يسبب عطبا لصحة البشر والمحاصيل ونظم البيئة. والأوزون أيضا غاز حابس ويساهم في الاحتباس الحراري الكوني.
ويتكون الأوزون من عدة كيماويات أخرى موجودة في الغلاف الجوي قرب سطح الأرض، وتنتج عن مصادر طبيعية وأنشطة بشرية معا، كحرق الوقود الحفري (البترول والفحم) وصناعة الإسمنت واستخدام المخصبات الكيميائية وحرق المواد الحيوية.
وكأحد ملوثات الهواء، يخضع الأوزون للتقنين ورقابة وكالات حماية البيئة الحكومية في الدول الصناعية.
كان من الصعب تحديد أثر الأوزون على احترار المناخ بدقة، لأنه على عكس غازات الاحتباس الأخرى كثاني أكسيد الكربون، فإن غاز الأوزون لا يمكث فترة كافية في أسفل الغلاف الجوي بحيث ينتشر بانتظام حول الكوكب. ويرتبط تأثيره الاحتراري أكثر بالإقليم الذي جاء منه الغاز.
"
خفض مستويات التلوث بالأوزون لا يحسن جودة الهواء فحسب، بل هو مفيد أيضا في تخفيف حدة احترار المناخ الناجم عن الاحتباس الحراري
"
نموذج حاسوبي
ولالتقاط هذه الصورة المركبة، استخدم علماء معهد غودارد منظومة برمجيات ذات نماذج حاسوبية ثلاثية الأبعاد تبدأ بمعطيات حول مصادر الأوزون، ثم تتتبع كيف نشأ الأوزون كيميائيا، وتحرك حول العالم في القرن الماضي.
ويلاحظ أن أثر الأوزون منخفض الارتفاع على احترار القطب الشمالي ضئيل في أشهر الصيف، لأن الأوزون الناتج صيفا في أجزاء أخرى من الكوكب لا وقت لديه للوصول إلى القطب الشمالي قبل أن تدمره التفاعلات الكيميائية الناجمة عن أشعة الشمس الوفيرة كميا وزمنيا.
نتيجة لذلك، عندما يكون الوقت صيفا في شمال الأرض، فإن أثر الاحترار الناجم عن الأوزون هو أعظم ما يكون قرب مصادر انبعاثه.
أظهر النموذج الحاسوبي احترارا صيفيا كبيرا فوق الشمال الغربي لأميركا الشمالية، وشرق أوروبا، ووسط آسيا. وهي مناطق تشهد مستويات عالية من تلوث الأوزون خلال هذا الوقت من السنة.
كذلك، أظهرت النتائج الجديدة فوائد غير متوقعة من جهود مكافحة تلوث الهواء في أنحاء العالم، وفقا للدكتور درو شيندل قائد فريق البحث.
فخفض مستويات التلوث بالأوزون لا يحسن جودة الهواء فحسب، بل هو مفيد أيضا في تخفيف حدة احترار المناخ الناجم عن الاحتباس الحراري، خصوصا في القطب الشمالي.