<a href="http://zahratelboustain.3oloum.com/register"><img src="http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSugyPpklkaInwbbBJ0tRyrGBD1DSOCu4g2rPHoJqCPK9eN7c0VAg" border="0"></a>
<a href="http://zahratelboustain.3oloum.com/register"><img src="http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSugyPpklkaInwbbBJ0tRyrGBD1DSOCu4g2rPHoJqCPK9eN7c0VAg" border="0"></a>
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مرحبا بك عزيزي الزائر في رحاب منتدانا المتواضع . الذي رغبنا من خلاله اثراء رصيدكم المعرفي و التقافي و الادبي .في حلة ترفيهية .طيبة حسنة . مرحبين بكم من خلالها بقلب منشرح . راغبين من خلالها ان تنظموا الى منتدانا بعقل منفتح . و الهدف من كل هدا حسن خدمتكم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
-
اعلانك هنا
 لمسات بيانية من سورة الجن Images15  لمسات بيانية من سورة الجن Images16

 

  لمسات بيانية من سورة الجن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
اسماء
مدير المنتدى
مدير المنتدى
اسماء


عدد المساهمات : 4125
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 17/07/2012
العمر : 29
الموقع : https://ibde3nawa3im.yoo7.com

 لمسات بيانية من سورة الجن Empty
مُساهمةموضوع: لمسات بيانية من سورة الجن    لمسات بيانية من سورة الجن Emptyالأربعاء يناير 30, 2013 10:32 am

بسم الله الرحمن الرحيم





في أول سورة الجن قال على لسان مؤمني الجنّ (قُلْ
أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا
سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ
وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2))
وفي
أواخر نوح قال قوم نوح (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا
تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23))
فرق بين المؤمن والكافر
(لن نشرك بربنا أحداً) – (لا تذرنّ آلهتكم). تذرنّ بمعنى تتركون، إذن هم يدعون إلى الشرك وعدم ترك الآلهة. في الجن قال (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)) وفي
نوح قال (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا
ضَلَالًا (24)). قال في نوح (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا
فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا
(25)) وفي الجن قال
(وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15)) القاسطون أي الظالمون وقال (وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17)). قال في الجن (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16))
وفي نوح قال (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا
(10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11)) وكأن الاستقامة على
الطريقة تتمثل في استغفار الله تعالى.

جرى
ذكر السماء في سورة نوح وذكر من أجرامها الشمس والقمر (أَلَمْ تَرَوْا
كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ
فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)) وفي سورة الجن ذكر
الشهب والسماء
(وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (Cool)
ذكر هنا السماء والشهب وهناك ذكر الشمس والقمر. جرى ذكر الناصر في
السورتين عند العذاب قال (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا
نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا (25) نوح) وفي
سورة الجن
(حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24)) إذن هنالك علاقات بين هاتين السورتين ومناسبات في أكثر من موضوع.

**هدف السورة**

نموذج ثاني للدعاة لكن هذه المرة من الجنّ. فالجنّ تحولوا إلى دعاة إلى الله لما سمعوا كلام الله والقرآن. (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا) آية 1 تدل على الإنتماء، و(يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) آية 2، و (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) آية 6 وفيه تحذير من خطورة الإستعانة بالجنّ واتخاذهم ملجأ من دون الله لأن هذا سيؤدي إلى تعاستهم . وهذا كلام مشابه لما قاله نوح u في دعوته لقومه (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا) آية 16. ثم تأتي ختام السورة (لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ) آية 28 فيها تركيز على الدعوة.

***اللمسات البيانية فى سورة الجنّ للدكتور فاضل السامرائى***

*نظرة عامة على السورة :

*هل هنالك خط تعبيري معيّن في سورة الجن؟

حقيقة هناك خط ظاهر ونحن نعرض إلى افتتاحية هذه السورة الآية الأولى لكن هنالك خط ظاهر في السورة يتبين أن الأمور فيها لم تُبنى على الشيء ومقابله وإنما يذكر الأمر ويذكر ما يتضمنه أو يتضمن جزءاً منه
وهذا الخط الظاهر في السورة. مثال (وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ
بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10)) الذي
يقابل الشر الخير ولكنه ما قال الخير وإنما قال الرَشَد والذي يقابل الشر
الخير والرشد هو مما يتضمنه الخير، جزء منه بينما في مواطن كثيرة في القرآن
يقابل الشر بالخير (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً (35)
الأنبياء) (لَا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ
الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ (49) فصلت) (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (Cool
الزلزلة) (وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ (11)
الإسراء) بينما هنا لم يبني على المقابل وإنما على ما يتضمنه أو يتضمن
جزءاً منه.
مثال آخر (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ (11)) الصالحون يقابلهم المفسدون والصلاح يقابله الفساد وفي القرآن يقابل كثيراً المصلح بالمفسد بينما قال في السورة (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ (11)) (دون ذلك) هذه الكلمة عامة، هو قال من هم دونهم في الصلاح (دون ذلك)
يعني من هم دونهم في الصلاح يتدرج إلى أن يصل إلى الفساد والكفر، قد يكون
أقل صلاحاً ثم يستمر إلى ما شاء الله بينما في القرآن ربنا يقابل الإصلاح
بالإفساد (وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ (220) البقرة)
(وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا (56) الأعراف)
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا
نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) البقرة) بينما هنا في السورة قال (ومنا دون ذلك)
يتضمنهم هذا الأمر. قال
(وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ (14))
القاسط الظالِم ويقابل المسلم الكافر، كلمة قاسط عامة قد يدخل فيها قسم من
المسلمين قد يقسطون قد يظلمون ويدخل فيها الكافر، هي عامة، الظالم قد يكون
مسلماً وقد يكون كافراً بينما ربنا في القرآن يقابل الكفر بالاسلام
(رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ (2)
الحجر) (أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (80)
آل عمران) بينما في هذه السورة الخط التعبيري قال القاسطون مقابل المسلمون.
مثال آخر (فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15))
القياس أن يقابل الرَشَد بالغيّ، تحروا رشداً – تحروا غيّاً (قَد
تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (256) البقرة). بينما لم يقل ذلك لم
يقل أنهم تحروا الغيّ والضلال.

*لم يقل فيهم أنهم من أصحاب الجنة كما قال على الآخرين (فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا)؟

المسلم قابله بالقاسط ثم تأتي (فمن أسلم)، قابل المسلم بالقاسط ذكر (فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا) (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ) ما قال تحروا غيّاً أو ضلالاً وإنما قال (فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا).

مثال آخر (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21))
لم يقل لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً، هذا خط تعبيري في السورة وفي مواطن
كثيرة في القرآن يقابل الضر بالنفع (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا
وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ (49) يونس) (وَلَا يَمْلِكُونَ
لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (3) الفرقان) هذا هو الموطن الوحيد
الذي يقابل الضر بالرَشَد. وقال
(قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25))
القريب يقابله البعيد وفي آية أخرى قال (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم
بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ (109) الأنبياء) هذا خط ظاهر في السورة حتى إذا
قرأ أحدهم السورة يلاحظ أن هذا خط ظاهر فيها أنه يقابل الأمر لا بمقابله
وإنما بما يتضمنه أو بما يتضمن جزءاً منه.

* بما أن هذا الخط بارز في السورة فماذا عن ارتباط سورة الجن بالسورة التي قبلها؟

التي
قبلها سورة نوح، هناك علاقات وارتباطات أولاً قال في السورة التي قبلها
(إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ (1)) هو خصص رسالة نوح بالقوم
بينما رسالة محمد لم تقتصر على قوم وإنما شملت الثقلين. وذكر أن قوم نوح
تمسكوا بالشرك وبأوثانهم ودعوا إلى عدم تركها (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ
آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ
وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23)) بينما الجن قالوا
(وَلَن
نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)). وقال في الجن (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا
عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا (16))

الطريقة هي الشريعة وفي نوح قال (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ
إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا
(11)) أسقيناهم ماء غدقاً – يرسل السماء عليكم مدراراً. في سورة الجن قال
(وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17))
وذكر في نوح لما أعرضوا عن ذكر ربهم قال (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ
أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ
أَنصَارًا) ذكر العذاب مثال لما فعله قوم نوح. جرى ذكر السماء في سورة نوح
وذكر من أجرامها الشمس والقمر (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ
سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا
وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)) وفي سورة الجن ذكر الشهب والسماء
(وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (Cool)
ذكر هنا السماء والشهب وهناك ذكر الشمس والقمر. جرى ذكر الناصر في
السورتين عند العذاب قال (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا
نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا (25) الجن) وفي
سورة الجن
(حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24)) إذن هنالك علاقات بين هاتين السورتين ومناسبات في أكثر من موضوع. هذا هو الأمر العام هكذا لكن ما يتعلق بالآية (قُلْ
أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا
إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا
بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2))

آية (1):

(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1))

*ما اللمسات البيانية في هذه الآية؟ قال استمع ولم يقل استمعوا إليك؟

هذا سؤال جيد لكن قبل هذا هو قال (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ) يعني هو أمر أن يعلن هذا الأمر والأمر موجه للنبي r
أن يقول ويعلن هذا الأمر ذلك لما فيه من تثبيت له ولأصحابه أن الجن آمنوا
وتقريع لقومه أن الجن سمعوا القرآن فآمنوا به وعرفوا إعجازه مع أن قومه
عرفوا محمداً وعرفوا أمانته وعرفوا صدقه وهم قومه ويعلمون من الكلام المعجز
والبليغ ما لا يعلمهه غيرهم ولم يؤمنوا. إذن هو تقريع لقومه وتثبيت وتسلية
له ولأصحابه. هذا أمر ثم نأت إلى (أنه) الهاء ضمير الشأن وضمير الشأن يفيد
التفخيم والتعظيم. ضمير الشأن يكون خبره جملة، الهاء في ضمير الشأن
(أنّه) إسم إنّ و(استمع نفر من الجن)
هذا خبره. ضمير الشأن يفيد التعظيم والتفخيم والمقصود هنا تعظيم القرآن.
أصل التركيب بغض النظر عن ضمير الشأن هو (استمع نفر من الجن) هذا هو أصل
التركيب حينما ندخل ضمير الشأن
(أنه استمع نفر من الجن).

*كيف نعرف ضمير الشأن؟

ضمير
الشأن لا يعود على أمر معين أحياناً يسمونه ضمير الشأن ويسمونه ضمير
القصة، ضمير الشأن، الشأن يعني الأمر أن المسألة، أن القصة حتى لا يذكر
القصة مرة ثانية. (فأنه) الشأن الأمر استمع نفر من الجن هذا يؤتى به في
مقام التفخيم والتعظيم ولا شك أن التفخيم والتعظيم للقرآن
(إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1)).

(أنه) أنّ حرف ناسخ والهاء ضمير الشأن والجملة بعدها خبر. وهذا التفخيم يتناسب مع وصفهم القرآن بـ (عجباً) هذا الوصف بالمصدر
هذا يفيد المبالغة. هو أكثر من عجيب عندما تصف بالمصدر كأنما تحول الشيء
إلى مصدر تقول هذا رجل صِدقٌ ورجلٌ عدلٌ، (وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ
بِدَمٍ كَذِبٍ (18) يوسف) هذا أبلغ من كاذب، رجلٌ عدلٌ يعني كله عدل وأقوى
من رجل عادل. في القرآن استخدم (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) ص) هذا
وصف، إذن
(عجباً)
أقوى من عجاب لأن الوصف بالمصدر أقوى من الوصف بالصفة، عندما تقول هذا رجل
سوءٌ أو رجل كذبٌ أو رجل صومٌ، هذا أبلغ من رجل صائم ومفطر وما إلى ذلك
لأنه تقول رجل صائم إذا صام يوماً واحداً لكن لا تقول رجل صوم حتى يكون
أكثر أيامه صوم وإذا قلنا رجل صوم يفهم أنه كثير الصيام. قرآناً عجباً ليس
عجيباً وإنما فوق العجيب لذلك هذا ناسب ضمير الشأن.

*لماذا لم يقل استمع إليك مع أن القرآن يستخدم (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ (25) الأنعام)؟

ليس المقصود شخص الرسول r
لكن المقصود هو القرآن. هنالك أمر في القرآن الكريم: حيث عدّى الاستماع
حيث يقول (إليك) لا بد أن يجري ذكر الرسول في سياق الآية. إذا قال إليك فلا
بد أن يذكر شيئاً يتعلق بالرسول
r.
مثال (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ
أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ
آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ
يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ
(25) الأنعام) المخاطب هو الرسول
r.
لما ذكر إليك (حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ
كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ)، (وَمِنْهُم مَّن
يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا
لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ
طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ (16) محمد)
متعلق بالرسول
r
(قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا). (وَمِنْهُم
مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ
لاَ يَعْقِلُونَ (42) يونس) المخاطب هو الرسول
r.
(نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ
وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ
رَجُلاً مَّسْحُورًا (47) الإسراء) حيث يقول (يستمعون إليك) أو (يستمع
إليك) يجري ذكر الرسول
r في السياق وهنا في آية الجن لم يرد ذكر الرسول مطلقاً. هو القصد ذكر القرآن وليس ذكر القارئ القرآن هو القصد وليس الرسول r. فلم يعدّي الإستماع إليه.

*
إذن نفهم أن المراد هو ذكر القرآن قال (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ
اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ (1)) ولم يصرح بالقرآن كأن يقول استمع نفر
من الجن قرآناً كما قال في آية أخرى (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا
مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ (29) الأحقاف) ؟


هو قال (قرآناً عجباً)
ولم يقل قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن للقرآن بينما في آية الأحقاف
ذكر القرآن (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ
يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا
قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا
إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا
بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30)
يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم
مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31)) الكلام عن
القرآن، ذكر وفصّل في القرآن ما لم يفصّل في سورة الجن. في سورة الجن قال
(قُلْ
أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا
إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا
بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2))
،
بينما في الأحقاف قال (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ
يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا (29))
حضروا قرآءة القرآن وأنصتوا لسماعه (فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى
قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا
كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ
يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا
أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ
وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31)) لاحظ التفصيل، في الأحقاف فصّل
في ذكر القرآن ما دعا إلى ذكر القرآن بينما في سورة الجن كان الكلام عن
القرآن موجزاً وإشارة إلى القرآن
(إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1)). في مقام التفصيل يفصّل وفي مقام الإيجاز يوجز مع أنه مفهوم.

*إذن
القرآن الكريم يفصِّل فيما يوجب التفصيل ويوجز فيما يوجب الإيجاز ولا
اختلاف بين الآيتين وإن كان كل آية منهما تدل على نفس الموقف أن الجن يستمع
إلى القرآن؟


التفصيل يعني ما أدّى بعد الإنذار إلى ذلك لم يذكره.

آية (2):

(يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2))

* هنا قال (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ (2) الجن) لماذا قال الرُشد وليس الرَشَد مع أن الرَشَد مستخدمة في القرآن الكريم ؟

هم
يفرّقون بين الرُشد والرَشَد، الرُشد معناه الصلاح والاستقامة وهم قالوا
الرُشد يكون في الأمور الدينية والدنيوية، في أمور الدين وفي أمور الدنيا،
في الأمور الدنيوية والأخروية والرَشد في أمور الآخرة، يعني الرُشد يكون في
أمور الدنيا والآخرة والرَشَد في أمور الآخرة. في القرآن ورد الرُشد
(وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ
آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا (6) النساء) أمر دنيوي، (قَالَ لَهُ مُوسَى
هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)
الكهف) أمر دنيوي موسى تتبع الرجل الصالح، (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد
تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (256) البقرة) و (وَإِن يَرَوْاْ
سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً (146) الأعراف) إذن الرُشد
يستعمل في أمور الدنيا والدين. أما الرَشد فالكثير أنه يستعمل في أمور
الدين أكثر ما يكون في الدين (فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ
رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) الكهف) (وَقُلْ
عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) الكهف)
أغلب ما تستعمل في أمور الدين، أما الرُشد فهي عامة. هذا ما قاله قسم من
اللغويين وإن كان قسم قالوا أن هاتان لغتان لكن هما في القرآن هكذا، يستعمل
الرُشد في أمور الدنيا والدين والرَشَد في أمور الدين. قسم قالوا هذه لغة
ولكن قسم قالوا هذا من خصوصيات الاستعمال القرآني.

*قال
تعالى (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ (2) الجن) وفي الأحقاف قال
تعالى (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30)) فما
الفرق بين الرُشد والحق؟ وكيف نفهم اللمسات البيانية في الآيتين؟


الحق
ليس مناقضاً للرُشد ولا الرُشد مناقضاً للحق. الحق أعم من الرُشد، يعني
يوصف بالحق أحياناً ما لا يوصف بالرشد ويُخبر عنه بما لا يخبر بالحق يعني
(فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا (6) النساء) هل يمكن أن يقال آنستم
منهم حقاً؟ كلا. (إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64) ص)
(وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقّ (61) البقرة) (وَلْيُمْلِلِ
الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ (282) البقرة) (إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ
الْحَقُّ (62) آل عمران) (وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ (86) آل
عمران) (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ (27) المائدة)
كلها لا يصح فيها الرُشد، الحق أعم من الرشد (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ
لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ (57) الأنعام) لا يصح أن يقال يقص الرُشد، (ثُمَّ
رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ (62) الأنعام) (فَذَلِكُمُ
اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ (32) يونس) الحق أعمّ. وهذا أول فرق بين الحق
والرشد أن الحق أعم وأنه يُذكر في أمور لا يصح فيها ذكر الرُشد. الأمر
الآخر أن الرُشد لا يقال إلا في العاقل العاقل يوصف بالرُشد أما الحق عام،
نقول القتل بالحق، هذا المال حق لك، إذن الله هو الحق، الجنة حق والنار حق.
هنالك أمران حقيقة: أولاً الحق أعمّ من الرُشد يُخبر به عن الإنسان وغيره
ومن ناحية اخرى الرُشد خاص بالعاقل، إذن الرشد قسم من الحق وليس الحق كله،
كل رشد هو حق لكن ليس حق رشداً باعتبار الحق أعمّ. يبقى سبب الاختلاف: ما
ذكره في سورة الأحقاف عن الجن أوسع وأشمل مما ذكره في سورة الجن فعمم في
الأحقاف (يهدي إلى الحق) ثم ذكر أموراً في القرآن كثيرة فصّل فيها.

عندما قال في سورة الجن (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ)
وقال في الأحقاف (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ) وشرعنا في بيان الفرق في سبب
الاختيار ولم نستكمله. نذكر بما ذكرناه قلنا أن الحق أعم من الرشد وأنه
يُخبر به ويوصف به ما لا يوصف بكلمة الرشد وذكرنا أمثلة (إِنَّ هَـذَا
لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ (62) آل عمران) (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ
ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ (27) المائدة) (ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ
مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ (62) الأنعام) هذا لا يمكن أن يوصف بالرشد. وذكرنا
أيضاً في حينها أن الحق عام يستعمل مع العاقل وغيره لكن الرشد هو خاص
يالعاقل فيقال الوجه الحق والقتل بالحق وهذا المال حق لك لا يقال هذا رشد
إذن الحق أعمّ من الرشد من ناحية أن الرشد خاص بأولي العلم وبالمكلّفين
خاصة إذن الرشد هو قسم من الحق وليس الحق كله. كل رشد هو حق لكن ليس كل رشد
حق.

يبقى سبب الاختلاف:
نحن ذكرنا أن الحق أعم من الرشد والرشد معناه الصلاح في الدنيا وقد يكون
في الآخرة. ما ذكره في الأحقاف (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ) سياق الآية أعم
مما في آية الجن وأوسع وأشمل فناسب ذكر الحق الذي هو أوسع وأشمل. في سورة
الجن قال
(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ
اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا
عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ
بِرَبِّنَا أَحَدًا (2))
ثم انصرف إلى أقسام
الجن ومعتقداتهم وأنهم كانوا يقعدون مقاعد للسمع ليس لها علاقة بالقرآن أما
في الأحقاف فاتسع الحديث عن القرآن والتأثير فيهم هم سمعوا القرآن وآمنوا
به لم يكتفوا وإنما ذهبوا إلى قومهم منذرين ويدعوهم إلى الإيمان (وَإِذْ
صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ
فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى
قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا
كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ
يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا
أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ
ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31)) الكلام عن القرآن
متسع في الأحقاف وهذا جزء من آية في سورة الجن، في الأحقاف الكلام متسع إذن
تناسب كلمة الحق التي هي أوسع من الرشد لما كان الكلام متسع أتى بالكلمة
التي هي مناسبة والتي هي الحق. هذا من ناحية، من ناحية أخرى كلمة الحق
نفسها وردت في سورة الأحقاف ست مرات ولم ترد في سورة الجن وكلمتا الرُشد
والرَشد وردتا في سورة الجن أربع مرات ولم ترد في سورة الأحقاف. إذن من هذه
الناحية صارت مناسبة. ثم نلاحظ أن هنالك أمر في آية الأحقاف هو لم يكتفي
بذكر الهداية إلى الحق، هو في الجن قال
(يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ)
في الأحقاف قال (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ
(30)) لم يتوقف في آية الأحقاف عند الحق وإنما اتسع الأمر (يَهْدِي إِلَى
الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30)). لماذا إلى طريق مستقيم؟ الحق
أعم من الطريق المستقيم ثم لو لاحظنا السياق الذي ورد فيه الطريق المستقيم
قال قبلها (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا
يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا
أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9)) يعني هذه الدعوة ليست بدعة أنا
ابتدعتها وإنما هي طريق سلكها الأنبياء والرسل والطريق هي السبيل الذي
تطرقه الأرجل، السبيل الذي كثرت سابلته وميسر أما الطريق فهو الذي تطرقه
الأرجل سواء كان ميسراً أو غير ميسر. يعني ساروا فيه قبله فلما قال (قُلْ
مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ) يعني طريق طرقته الأرجل. قال
(وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ
خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ (21)) إذن هي طريق
مسلوكة، إذن هذه ليست طريقة مبتدعة وإنما سلكها الأنبياء والرسل من قبله.

ثم قال (فآمنا به)
جاء بالفاء الدالة على سرعة الاستجابة، تفيد الترتيب والتعقيب. يعني سمعنا
فآمنا إذن جاء بالفاء الدالة على سرعة الاستجابة سمعوا فآمنوا.

ثم قال (وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا)
تقرير يدل على أنهم كانوا مشركين فأصبحوا موحّدين وأنهم عزموا على عدم
العودة. الجن أمثالنا فيهم كفار ومؤمنون (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ
أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي
وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى
أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى
أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ (130) الأنعام) وهم شهدوا أن
عندهم مسلمون ودون ذلك وعندهم صالحون وطالحون.

لو لاحظنا تركيب الآية (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1))
نجد فيها مبالغات عدة. أولاً هو بدأ (قل) يعني أمره بالقول يعني الأمر فيه
أهمية حتى يبلّغ ثم جاء (أنه) ضمير الشأن الذي يفيد التفخيم والتعظيم. ثم
قال
(استمع) ولم يقل سمع (استمع) فيها التكلف والاستماع والمبالغة في الاستماع، إنصات شديد، (قرآناً عجباً) ولم يقل عجيباً وهذه مبالغة أخرى وقال (يهدي إلى الرشد) يعني في أمور الدنيا والآخرة وجاء بالفاء (فآمنا) للدلالة على سرعة الإيمان وقال (آمنا) بضمير الجمع دليل على أن كل الذين استمعوا آمنوا لم يتخلف واحد كلها مبالغات ثم قال (وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) جاء بـ(لن) المؤكدة للنفي وهذه (لن) تفيد التوكيد والنفي في المستقبل.

*ماذا قال الجن تحديداً؟

هما
لا يتناقضان يعني إذا هدى إلى الرشد فهو حق، هل هم جماعة واحدة؟ هم نفر
كثير منهم من قال كلاماً ومنهم من قال غيره. ثم هل هو الموقف نفسه ذكر عنه
مرتين؟ هل الذين ذكر عنهم في سورة الجن هم نفسهم الذين ذكر عنهم في سورة
الأحقاف؟ إذن ليس هنالك تناقض.

آية (3):

(وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3))

فكرة عامة عن الآية: نأتي إلى الآية الكريمة (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3)): جد ربنا
يعني عظمته وسلطانه. الجدّ العظمة والسلطان والملك والجِد الاجتهاد يجد في
الأمر يعجل فيه ويبذل جهده والجَد الحظ النصيب. نقول تعالى جَدُّك يعني
تعالى سلطانك. الجِدّ هو ضد الهزل. الهاء في
(وأنه) ضمير الشأن ويؤتى به للتعظيم. ضمير الشأن ذكرنا أكثر من مرة أنه لا يعود على شيء معين،
عندنا ضمير شخص يعود على مذكور أما ضمير الشأن يفسر بجملة وهذه الجملة ما
الأمر؟ ما الشأن؟ فتخبر عنه بالشأن وذكرنا أكثر من مرة أنه يسمى ضمير
القصة.
(أنه) ضمير الشأن والجِدّ للتعظيم دلالة على العظمة تعالى الله تعالت عظمته وسلطانه على أن يتخذ صاحبة أو ولداً.

*قال (مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا) ولم يقل (لم يتخذ )كما جاء في سورة الإسراء؟

(ما)
في الغالب تقال للرد على قول في الأصل يقولون في الرد على دعوى، أنت قلت
كذا؟ أقول ما قلت. أما (لم أقل) قد تكون من باب الإخبار فليست بالضرورة أن
تكون رداً على قائل لذلك هم قالوا لم يفعل هي نفي لـ(فعل) بينما ما فعل هي
نفي لـ (لقد فعل). حضر لم يحضر، ما حضر نفي لـ قد حضر (يَحْلِفُونَ
بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ (74) التوبة)
(ما اتخذ)
ضد قول اتخذ صاحبة ولا ولدا، لم يتخذ قد تكون من باب الإخبار والتعليم
(تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ
لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي
الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) الفرقان) هذا
من باب التعليم وليس رداً على قائل وليس في السياق أن هناك من قال وردّ
عليه وإنما تعليم (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ)
يخبرنا إخباراً (وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي
الْمُلْكِ) في الإسراء (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ
وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ
وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)) بينما نلاحظ لما قال
في محاجته للمشركين (ما اتخذ الله من ولد) هم يقولون اتخذ الله ولد (مَا
اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا
لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ
سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) المؤمنون). لما رد على المشركين
وقولهم قال (ما اتخذ) و(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ
أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ
الْكِتَابِ (78) آل عمران) يقولون هو من عند الله فيرد عليهم
(وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ (78)
آل عمران). (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ
الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (Cool البقرة) معناه لما قال
(ما اتخذ) يعني رد على أن هناك من يقول اتخذ فهو نفى قولهم ورد عليهم أما لم يتخذ فتأتي للإخبار والتعليم.

ثم قال (مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3)) جاء بـ (لا)
لم يقل ما اتخذ صاحبة وولداً حتى ينفي الأمر على سبيل الجمع والإفراد ما
قال ما اتخذ صاحة وولداً لأنها تحتمل أنه لم يتخذهما بينما اتخذ أحدهما،
تعبير احتمالي يحتمل أنه لم يتخذ لا صاحبة ولا ولد إنما اتخذ واحداً منهما،
لما قال
(مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا)
ينفي كلاً على حدة ينفي على سبيل الجمع وعلى سبيل الإفراد، نفى الصاحبة
ونفى الولد. عندما نقول ما جاء محمد وخالد معناها ربما يكون أحدهما قد جاء
لكن مفهوم قطعاً أن الإثنان لم يأتيا مع بعضهما. وقدّم الصاحبة على الولد
لأن الولد إنما يأتي من الصاحبة.

*إذن من يتكلم في القرآن لا بد أن يكون ضليعاً بأساليب العربية وكيفية التعبير؟

إشترط
أهل علوم القرآن أن يكون متبحراً ولا تكفي المعرفة اليسيرة في اللغة، هذا
كلامهم. أن يكون متبحراً في النحو وفي التصريف وفي علم اللغة وفي الاشتقاق
وفي البلاغة حتى يفهم كلام الله سبحانه وتعالى. هناك معنى عام مفهوم لكن
المعنى الدقيق يفهمه المتبحرون في اللغة. سيبويه بدأ (هذا باب نفي الفعل:
فعل نفيه لم يفعل، قد فعل نفيه لما يفعل، لقد فعل نفيه ما فعل، هو يفعل إذا
كان في الحال ما يفعل وإذا في الاستقبال لا يفعل ويفعلنّ نفيه لا يفعل،
سوف يفعل نفيه لن يفعل، ما كان ليفعل وهكذا بدأ بها سيبويه).

ثم قدم الصاحبة على الولد لأن الولد إنما يكون من الصاحبة (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ (101) الأنعام).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ibde3nawa3im.yoo7.com
اسماء
مدير المنتدى
مدير المنتدى
اسماء


عدد المساهمات : 4125
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 17/07/2012
العمر : 29
الموقع : https://ibde3nawa3im.yoo7.com

 لمسات بيانية من سورة الجن Empty
مُساهمةموضوع: رد: لمسات بيانية من سورة الجن    لمسات بيانية من سورة الجن Emptyالأربعاء يناير 30, 2013 10:32 am

*لماذا اختار كلمة صاحبة في قوله تعالى (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) الجن)؟ وهل كل امرأة تعد صاحبة؟(د.حسام النعيمى)

القاعدة
العامة التي نجدها في القرآن الكريم أن القرآن الكريم عندما يذكر الصاحبة
يذكر معها الولد. الآيات: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى
يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ
وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) الأنعام)
(وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) الجن)
(يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ
يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) المعارج)
(وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) عبس) لم يرد إلا في هذه المواطن الأربعة
صاحبة. لما يقول صاحبة يذكر معها الولد فكأنما هذا الاستعمال يشير إلى أن
الزوجة التي تسمى صاحبة ينبغي أن تكون قد صحبته مدة بحيث حصل منها ولد حتى
تسمى صاحبة لأن مجرد الزواج الزوجة قد لا تكون صاحبة أصلاً يعني يعقد عليها
ثم لا يدخل بها ولا يراها ويطلقها. لأنه بمجرد العقد هي زوجة. فالزوجة قد
تكون صاحبة وقد لا تكون. مع ملاحظة أن القرآن الكريم لم يستعمل لفظ زوجة
بالتاء بتاتاً وإنما استعمل كلمة زوج. والزوج هو أحد شيئين. نحن نقول
دائماً نظرية ابن جنّي في الاشتقاق الكبير التي لا توجد في لغة أخرى مسألة
التقليب ارتباط المعنى العام. فلما نقول الفقه حُسن الإدراك لأن عندنا فهق
الإناء إذا امتلأ وفاض فالفقيه يمتليء بالعلم ويفيض على الآخرين. فهنا
الزوج عندنا زوج وجوز: الجوزة تتكون عادة من فلقتين، هاتان الفلقتان تشكلان
جوز. الزوج والزوج كلاهما يشكلان زوجاً والعرب صارت تستعمل الزوج للواحد
من الإثنين المتلازمين وتستعمل الزوج لهما. تقول عندي زوجا حمام وتريد
ذكراً وأنثى وتقول عندي زوج حمام. طبعاً القرآن استعمل الصورة الأولى
استعمل كلمة زوج للمفرد الذي يكون معه نظيره (في سورة الأنعام ذكر ثمانية
أزواج (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ
اثْنَيْنِ) (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ)
يحسبها تكون ثمانية أفراد ملتصقة ببعضها: من الضأن اثنين ومن المعز
اثنين.ومن البقر اثنين ومن الإبل اثنين) ذكر أربعة أجناس وقال ثمانية
أزواج. هي زوجه وهو زوجها والقرآن استعمل بهذه الصيغة واستعمل كلمة زوج
للمذكر والمؤنث (وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ
الْجَنَّةَ) هنا المرأة و(فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ
بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) رجل. فالمرأة زوج والرجل زوج.
كلمة زوج وأزواج استعمل معها الذرية والأبناء والبنين والحفدة إذن كلمة زوج
أشمل من كلمة صاحبة. الزوج قد تكون منجبة وقد لا تكون وقد تكون مصاحبة وقد
لا تكون تطول صحبتها وتقصر بينما إذا أراد أن يذكر المرأة الزوج التي لها
إنجاب بذكر الولد يقول صاحبة وولد يذكرها وهي في القرآن كله في أربع آيات
في أماكن متفرقة ونقول هذا من دلائل النبوة وليس كلام بشر وإنما كلام الله
سبحانه وتعالى.

آية (4):

(وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4) الجن)

السفه هو خفة العقل والجهل والشطط هو مجاوزة الحد. خفة العقل يعني ليس عميق المعرفة.

*ما دلالة تركيب الآية ولماذا لم يقل وأن سفيهنا كان يقول على الله شططا؟

أولاً
نسبة الصاحبة والولد إلى الله غاية الشطط والسفه يبقى السؤال عن تركيب
الآية التعبير القرآني أدل على عظم القول مما ذكرته. الأولى أنه جاء ضمير
الشأن في
(وأنه) أقوى من (أن) ضمير الشأن يؤتى به في مواطن التفخيم والتعظيم، هذا أمر والأمر الآخر في الضمير المستتر في (كان) فيها ضمير الشأن (كان يقول سفيهنا)
ضمير شأن مستتر، أين إسم كان؟ ضمير مستتر، هذا ضمير الشأن. قد يُعتقد أن
سفيهنا إسم كان متأخر ويقول خبر كان متقدم باعتبار خبر كان يتقدم لكن هذا
التخريج ممنوع في النحو. لو قلنا بهذا أن سفيهنا إسم كان ويقول خبرها نلاحظ
الآية سفيهنا إسم كان معمول لكان ويقول خبرها يعني الآن صار خبرها واسمها
(على الله شططا) معمول (يقول)، سفيهنا وقعت في الوسط هذا بين العامل والمعمول لأن سفيهنا معمول (كان)،
إذن فصلت بين العامل والمعمول بأجنبي وهذا لا يجوز إما ممنوع أو ضعيف
قطعاً. والتخريج يكون أن إسم كان مضير الشأن مستتر تقديره هو لا يعود على
سفيهنا وإنما يفسر بجملة، ضمير الشأن لا يعود على شيء معين وإنما يفسر
بجملة. إذن صار في الآية ضميري شأن يعني صار التفخيم مضاعفاً بينما لو قلنا
إن سفيهنا كان يقول ليس فيها ضمير شأن.

* يمكن أن نقول وأنه كان سفيهنا يقول على الله شططا؟

سفيهنا إسم كان والآية يكون فيها ضمير شأن واحد والآية أقوى لأن فيها ضميري شأن.

*هل يمكن أن نقول: وأنه كان على الله يقول سفيهنا شططا؟

هذا
التعبير فيه نظر, قدم الجار والمجرور وهذا يفيد التخصيص يعني يقول على
الله لا يقول على غيره شططا، هو سفيه هل يقول على الله شططا فقط؟ السفيه
يقول شططاً على الله وعلى غيره.

* إذن وضع الجار والمجرور في الآية الكريمة هكذا مكانه (وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4))؟

يقول
على الله ويقول على غيره قطعاً لا يحصر الشطط على الله تعالى فقط. اجتمع
في هذا التعبير من أوصاف السوء الكثير أولاً القائل سفيه ثم أضاف السفيه
إلى ضمير المتكلمين أن هذا الشخص معروف بالسفه ومشهور به ثم ضمير الشأن
المتصل بـ (إن) وضمير الشأن المستتر بـ
(كان)
ثم هذا السفيه كان يقول يفيد الاستمرار بالقول ولم يقله مرة واحدة، في
مجتمعهم كان هذا القول يكرر بينهم، إذا وقع فعل المضارع الذي يفيد التجدد
والاستمرار خبر كان يسمونه استمرار أو اعتياد. ليس هذا فقط وإنما جاء
بالمصدر
(شططا)
والشطط مصدر يعني جعل القول هو شطط بعينه وهذا أقوى إذن في هذه العبارة
أكثر من ستة مبالغات: ضمير الشأن وسفيهنا وكان يقول للإستمرار وشططاً
التعبير بالمصدر.

*كم عام وأنت مع القرآن الكريم في لمساته البيانية؟

لا
أدري متى بدأت، في الخمسينات كنت أقرأ فيما كتبه السابقون بينما بداية
النظر التأليف فبعد الانتهاء من الدراسة الجامعية وكنت أقرأ وأرى في كثير
من الأقوال التكلف في التخريج في التفسير وأرى لو قيل الكلام بصورة أخرى
يمكن أن يجدوا له تبريراً آخر فقررت أن أدرس دراسة فاحصة وبدأت القرآءة في
الخمسينات. يجب أن يكون عندك معرفة أولية حتى تفهم ما يقوله المفسرون.

استطراد من المقدم:
في كل حلقة يزداد إعجابي الشخصي بكم وبعلمكم ونبدأ في أن نلتفت إلى نحونا
العربي ونفهمه جيداً لنكون قادرين على التعاطي والتعامل مع آي القرآن
الكريم ومن هنا نبدأ بفهم تراكيب اللغة وجمل اللغة ودلالات مفردات اللغة
وأحرف اللغة والموضوع ليس بالهين لكن على الجانب الآخر ليس مطلوباً من كل
مسلم أن يعلم هذا العلم وإنما يستمع لنا.

آية (5):

(وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5))

*تقديم الإنس على الجن في هذه الآية ما فحواه؟

الآية الكريمة (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) قدّم الإنس لأن هذا طبعاً كلام الجن لأنهم ذكروا سيئات الجن ومعاصيهم ما لم يذكروه في الإنس كما في قوله تعالى (وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4)) وقوله (وَأَنَّهُ
كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ
فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)) (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ
ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11)) (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ
وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا
(14))
فقدّم الإنس على الجن باعتبار يرونهم
أبعد عن الكذب لأنهم ذكروا من معاصي الجن الكثير ولم يذكروا شيئاً عن معاصي
الإنس فكأن هؤلاء أبعد عن الكذب وأنأى عن الكذب وربما أنهم كانوا يحسنون
الظن بالإنس هذا احتمال لأن عالم الإنس غير عالم الجن يعلمون أن في جماعتهم
الصالح والطالح ودون ذلك وكانوا يرون في الإنس مظنّة الصدق على الله كما
أن الإنس أيضاً يرون في الجن مظنة الصدق الكهنة كانوا يحسنون القول فيما
يلقيه لهم الجن ويصدقونهم فيما يقولون. عالم غير عالمهم هم يرون في عالمهم
الشرور والكذب ويطنون الإنس أفضل منهم فقدّم الإنس على الجن.

*قال
تعالى (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى
اللَّهِ كَذِبًا) نكّر كلمة كذباً مع أن القرآن الكريم استخدمها معرفة كما
في سورة يونس (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ
لاَ يُفْلِحُونَ (69)) وآل عمران (فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ
مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94)) ما دلالة تنكير
الكذب أو تعريفه؟


نكّر
الكذب ليشمل كل كذب عام لأن المعرفة ما دلّ على شيء معين. الكذب يقصد
شيئاً معيناً بأمر معين (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ
الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ (69) يونس) هنالك أمر في السياق يقصده فذكر
الكذب، فلما يقول الكذب فهو كذب عن أمر معين بالذات مذكور في السياق أما
عندما يقول كذب فيشمل كل كذب مثل قوله تعالى (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ
حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى
نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ
بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (93) فَمَنِ افْتَرَىَ
عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ
الظَّالِمُونَ (94) آل عمران) الكلام عن الطعام، أمر معين، هو حرّم على
نفسه وكذب على الله وقال حرّم كذا قال فاتوا بالتوراة في هذه المسألة مسألة
الطعام فقال (فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ) لأن الكذب في
مسألة معينة محددة. (قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ
الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِندَكُم
مِّن سُلْطَانٍ بِهَـذَا أَتقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
(68) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ
يُفْلِحُونَ (69) يونس) إذن هذا الكذب معرّف لأنه في مسألة معينة. (مَا
جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ
وَلَـكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ
وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (103) المائدة) يتعلق بهذه الذبائح، هذا
التعريف.

التنكير:
(وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ
يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ
يُحَافِظُونَ (92) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا
(93) الأنعام) ليس هنالك مسألة معينة ذكرها فهذه عامة، كذب يشمل كل كذب
وليس الكذب في مسألة معينة (قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ
عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن
قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى
اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ
الْمُجْرِمُونَ (17) يونس) لم يذكر مسألة معينة حصل كذب فيها (فَمَنْ
أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ
إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) يونس) الكذب عام. (أَمْ
يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ
عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ
بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24) الشورى) لم يقل ما
هو الشيء. (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا
نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38) المؤمنون) إذن التنكير في اللغة يفيد
العموم والشمول. في الآية
(وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا)
في أي شيء لا في مسألة معينة لا يكذبون على الله أبداً كما يظنون، كان
ظنهم هكذا فإذن نكّر كذب ليشمل كل كذب وليس هنالك أمراً معيناً.

*ما
دلالة الصيغة (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ
عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) إذا قلنا وأنا لم نظن فما الفرق بين ما ظننت أن
يفعل وظننت ألا يفعل؟


هم ظنوا وهو أثبت الظن وأكد الظن. فرق بين أن تقول (ظننت أنه لا يفعل) هو حصل الظن أثبت الظن، (ما ظننت) نفيت الظن، (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا)
هم ظنوا ذلك. مثلاً (ما علمت أنه مسافر) لم تعلم، (علمت أنه غير مسافر)
علمت، إذن واحدة نفي العلم وواحدة إثبات العلم والأقوى إثبات العلم. إذا
قال وأنا لن نظن نفى عنهم الظن لكن هذه الصيغة آكد لأنها إثبات للظن. (ما
علمت أنه قادم) ليس لدي علم، (عملت أنه غير قادم) لدي علم بأنه غير قادم،
أيها الأقوى؟ علمت أنه غير قادم أقوى. (ما سمعت أنه ناجح) و(سمعت أنه غير
ناجح) هذا أثبت عدم النجاح. واحدة إثبات وواحدة نفي الظن وهؤلاء أثبتوا
ظنهم بالإنس والجن.
(وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) أثبت لهم حسن الظن وإذا قال وأنا لن نظن فهي نفي (أنا ظننا) أقوى وهذه الآية (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا)
ذكر فيها أبعد حالات الكذب على الله أولاً قال (إنا ظننا) ولم نقل إنا لم
نظن، والآخر نفى بـ (لن) المؤكدة (لن) تفيد توكيد نفي المستقبل وليس فقط
نفي المستقبل، ثم قال (على الله) لأنه أبعد من أن يُكذب عليه يمكن أن يكذب
أحدهم على شخص لكن لا يمكن أن يكذب على الله، إذا كذبت على شخص وقعت في
معصية فكيف إذا كذبت على الله؟ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى
اللَّهِ كَذِبًا (68) العنكبوت)، ثم نكر كذب ليشمل كل أنواع الكذب ثم وصف
بالمصدر (كذب) ولم يقل مكذوباً أو مكذوباً فيه والتعبير بالمصدر أقوى من
حيث الدلالة والتعبير. فإذن ذكر كل حالات البعد عن الكذب عن الله سبحانه
وتعالى.

آية (6):

(وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6))

*في
قوله تعالى (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ
مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)) ما معنى الرهق؟


الرهق هو غشيان المحارم، إرتكاب المحرمات والمآثم وتأتي بمعنى الذِلّة وليس مجرد التعب.
المعنى إذن أن الإنس استعاذتهم بالجن زادوهم كِبراً وكفراً وضلالاً.
والعرب يقولون كانوا إذا أمسى المساء في وادي قفر واضطروا إلى أن يبيتوا في
القفر (القفر صحراء ليس فيها زرع) خاف على نفسه فكان يقول أعوذ بسيد هذا
الوادي من سفهاء قومه يقصد الجنّ كانوا يرون أن الجن منتشرون في الأرض وهو
يخاف أن يمسه من الجن شيء فكان يقول أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه
يلجأ لسيد الجن حتى يمنعه من سفهاء الجن.
(وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ)
يعوذون بمعنى يستعينون بهه ويلجأون إليهم فهم كانوا يحتمون بهم. كيف
زادوهم رهقاً؟ أولاً من الذي زاد رهقاً؟ الجن أم الإنس زادوا رهقاً؟ كانوا
يستعيذون في بعض مسائلهم إذا خشوا على أنفسهم من الجن والجن إذا سمعوا ذلك
استكبروا وقالوا سُدنا الجن والإنس هذا من الرهق استكبروا وعتوا، إذن الجن
هم الذين زادوا رهقاً .واحتمال آخر أن الجن زادوا الإنس رهقاً بقوا
يستعيذون بهم وهذا ضلال فبإغوائهم واستعاذتهم بهم زادوا إثماً وضلالاً إذن
فيها احتمالين والإحتمالان قائمان ولذلك لم يذكر من الذي زاد، زاد فعل
والواو فاعل والضمير (هم) يعود على الجن والإنس معاً لأن الإنس ازدادوا
رهقاً بغشيانهم للمحارم واستعاذتهم بالجن وما إلى ذلك وغواية وضلالاً
وأولئك زادوا كبراً وقالوا سُدنا الجن والإنس فكلاهما ولذلك لم يذكر يعود
الضمير على من ليشمل كليهما الإنس والجن، الجن ازدادوا رهقاً وعتواً
وتجبراً والإنس زادوا ضلالاً وغواية وهذا من قبيل التوسع في المعنى لأنه
يريد المعنى إذن كلاهما وارد كون الإنس يستعيذون بالجن هذا ضلال وأولئك
يزدادون كِبراً وتجبراً ويرهقونهم أيضاً.

*الآية يستدل بها من كثير من المسليمن أن الإنس يحضر الجن والجن يطلب منه طلبات؟

يقال
أن الجن يطلب طلبات والإنس يطلب طلبات. (وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ
أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ
وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا (128) الأنعام) كلها
غواية، الإنس يزداد غواية وضلال والجن يزداد غواية وضلال ولذلك لم يقل
فأرهقوهم، هو قال فزادوهم رهقاً إذن الرهق موجود فكلما يستعيذ به يزداد
والاستعاذة بحد ذاتها رهق فكلما استعاذ يزداد ضلالاً على ضلال لم يقل
فأرهقوهم وإنما قال فزادوهم رهقاً.

*(وَأَنَّهُ
كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنّ) أخّر
الفعل يعوذون عن (كان) وفي آية قبلها (وأنه كان يقول سفيهنا)؟ ألصق يقول بـ
(كان) فلماذا؟


ذكرنا في الآية السابقة (وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4))
قلنا فيها ضميران للشأن (أنه) واحد وفي (كان) هي ضمير الشأن (كان سفيهنا
يقول) وضمير الشأن يفيد التفخيم والتعظيم هذا حكم عام. إذن هناك بينا سبب
الصيغة والآن نأتي إلى الآية: إذن ضمير الشأن يفيد التفخيم والتعظيم وكلما
كانت ضمائر الشأن أكثر كلما كانت المسألة أهم. عندنا الآن مسألتين المسألة
الأولى
(وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا) كان يقول اتخذ صاحبة وولداً (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3)) فرد عليهم (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنّ).
أيها الأكبر الشِرك أم هذه المسألة؟ الشِرك أكبر وقولهم اتخذ الله صاحبة
وولداً أكبر من هذه المسألة إذن هما ليسا بمرتبة واحدة لو قال (وأنه كان
يعوذ) سيصير مرتبة واحد ويصير فيها ضميران للشأن وهما ليسا بمنزلة واحدة
قطعاً لأن ذاك شرك واتخذا صاحبة وولداً، الشرك أكبر من هذا ولذلك في
الميزان البياني لم يساوي بينهما في المرتبة اللغوية من حيث الدلالة لأن
المسألة مختلفة من حيث العقيدة.

إذن
القرآن لا يوظّف الكلمة إلا في مكانها الصحيح، ميزان دقيق في البيان
والدلالة، ما يحتاج التأكيد يؤكد بمؤكد أو اثنين أو ثلاثة وما لا يحتاج لا
يؤكده.

ثم قال (يعوذون) فجاء بالفعل المضارع الذي يفيد التجدد ولم يقل عاذوا أو استعاذوا أو كانوا قد عاذوا والمضارع فيه تجدد وخاصة لما يأتي بعد (كان)، الفعل المضارع بعد (كان)
يدل على الاستمرار، (كان يفعل) يدل على الاستمرار فمعنى أنه كان يعني تجدد
ازداد الرهق لأنه لما كان الاستمرار في الاستعاذة صار الزيادة في الرهق،
هذا يستمر والرهق يستمر.

آية (7):

(وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7))

فكرة عامة عن الآية: هذا التعبير يحتمل أن يكون كلام الجن، كان قبلها الإنس والجن (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5))
فمحتمل أن يكون هذا كلام الجن يخاطبون قومهم أن الإنس يظنون كما تظنون
أنتم قسم منهم ينكر اليوم الآخر واحتمال أن يكون هذا مما أوحى الله به يقول
لكفرة قريش أن الجن يظنون كما تظنون أنتم، أنه مما قاله الجن أنهم الجن
ظنوا كما تظنون أنتم أيها الكفار أن لن يبعث الله أحداً وهذا إنكار اليوم
الآخر وقسم قال إنكار النبوات والرسل لكن يبدو أن إنكار اليوم الآخر أرجح
لأنه قال (أن لن) و(لن) للمستقبل، كان قال لم يبعث ولن يبعث هذا للستبقين
أنكرها، ألن يبعث هذا استقبال. ألن يبعث يعني بالمستقبل هذا هو الراجح
إنكار للبعث والنشور من أساسه. هم أنكروا هذا اليوم وأنكروا إرسال الرسل.
الجن قالوا سمعنا كتاباً من بعد موسى ولذلك الراجح أنه إنكار البعث. لكن
الآية تحتمل أن كلاهما قال الإنس والجن.

* هل ورد التنازع في القرآن الكريم؟

ورد
التنازع في القرآن الكريم في أكثر من موضع ومن ذلك قوله تعالى (هَاؤُمُ
اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) الحاقة) هاؤم هذا اسم فعل بمعنى هاتوا، اقرأوا
فعل أمر، كتابيه، هاؤم اقرأوا كتابيه، تنازعوا الكتاب، هاؤم اقرأوا الكتاب
هاتوا الكتاب واقرأوه وإسم الفعل يعمل عمل الفعل. (آتُونِي أُفْرِغْ
عَلَيْهِ قِطْرًا (96) الكهف) قطراً مفعول به هل هو للفعل آتوني أو الفعل
أُفرغ؟ النحاة يجيزون أي واحد منهم لكن الإختلاف فقط في الترجيح فعند
الكوفيين الأول هو الأولى في الإعمال وعند البصريين البصريين الثاني هو
أولى بالإعمال وعند الفرّاء كلاهما يعملان معاً. عند النحاة كلاهما جائز
لكن هناك مرجحات وكل واحد يحتج فالأول يقول الأول هو أولى باعتبار سابق
والبصريين يقولون الثاني لأنه أقرب ولو كان الأول لكان هناك فاصل بين
العامل والمعمول ولو كان كذلك لقال ربنا آتوني أفرغه عليه قطراً لأنه إذا
أعملنا الأول يجب أن نضمر في الثاني وفيها كلام طويل لكنهما متفقان على أنه
يجوز. في المعنى هو يعمل للإثنين لكن في الإعراب عند الكوفيين الأول هو
الأولى وعند البصريين الثاني هو الأولى وعند الفراء يقول سيان. أكثر من
عامل يشترك في معمول واحد وبدل أن يكرر جملة المعمولات (تسبحون ويحمدون
وتكبرون الله ثلاثاً وثلاثين بدل أن يقول تسبحون الله وتحمجون الله وتكبرون
الله فيجمعها كلها ويأتي بمعمول واحد لها يصلح لها جميعاً.،
(وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7) الجن) خارج القرآن يقال أنهم ظنوا أن لا يبعث الله أحداً كما ظننتم أن لن يبعث الله أحداً.

آية (Cool-(9):

(وَأَنَّا
لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا
(Cool وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن
يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا (9))


*ما معنى لمسنا السماء؟

إلتمس
معناها طلب، ألتمس كذا ولمس أيضاً معناها طلب في اللغة. لمس هو الفعل
الثلاثي والتمس هو مزيد زيادة في الطلب مثل جهد واجتهد. لمسنا السماء أي
طلبنا واستماع كلام أهلها وليس المعنى الحسي للمس. لمسنا يعني طلبنا وأردنا
ذاك المزيد وهذا المجرّد، لمسنا السماء أي طلبنا الاستماع لما فيها، هم في
واقع الأمر لم يصلوا إلى السماء هو قال
(فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا (9)) يعني
هم كانوا يستمعون والآن مُنِعوا، إذن طلبنا السماء والاستماع إلى أهلها
فوجدناها ملئت حرساً شديداً ملائكة مكلفين بحفظها ومملوءة بالحرس الشديد
ومملوءة بالشهب، كانوا يستمعون
(وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا (9)) يجد له مخصصاً شهاباً رصداً لم يقل فمن يستمع الآن يجد شهاباً وإنما يجد له.
رَصَد يعني معدّ له ليرجمه لأنه محتمل كلمة رصد تكون بمعنى إسم فاعل أي
شهاب راصد يعني يرقبه ومحتمل بمعنى إسم المفعول. رصد يرصد رَصْداً، رَصَد
بفتح الصاد (فَعَل) لها عدة دلالات بمعنى إسم المفعول مثل السلب بمعنى
المسلوب أو الهَمَل بمعنى مهمل، همل من أوزان إسم المفعول، قنص ويقنص هذه
من أوزان إسم المفعول. شهاباً رصداً أي معداً له أرصد له ليرجُمه ويحتمل أن
يكون بمعنى إسم فاعل يعني راصداً له فيحرقه إذن المعنى من يروم استراق
السمع يجد له شهاباً مرصداً له معداً له لا يتخطاه، يجد له يعني لن يفلت
منه أحد.

*بعض
آيات سورة الصافات تناولت نفس الموقف تحديداً لكنه قال فيها (إِلَّا مَنْ
خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10)) ما قال هذا الموقف
في سورة الجن مع أن الموقفين متشابهين؟


لو
نقرأ آيات الصافات تبين لنا (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا
بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7)
لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ
جَانِبٍ (Cool دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ
الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10)) الفرق هو ذكر في سورة الجن
من الحراسة ما هو أشد، قال
(مُلِئَتْ) ولم يقلها في الصافات ثم قال (مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا)
وفي الصافات لم يذكر أن فيها حرساً وإنما قال (وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ
شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7)) ليس فيها ذكر للحرس وفي الجن ذكر الحرس الشديد وذكر
أنها ملئت بالشهب وفي الصافات قال (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ
الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ
مَارِدٍ (7)) لم يقل أنها ملئت بالشهب أو الحرس الشديد ثم ذكر أنه أُعِدّ
لكل من أراد الاستماع تحديداً شهاباً ولم يقل ذلك في الصافات، يعني يتعذر
في مثل هذا أن يصير حطفة وهناك لا يتعذر (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ
فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ) وفي الجن لا يستطيع لأنه يجد له شهاباً. خطف
يعني استمع خبراً فخطفه وهرب.

*(يجد له) يجد له بالذات. يجد له هل توحي بأنه دُمِّر من قبل الشهاب؟

يتبعه
يحرقه، في الجن منع أن يقترب لكن هناك خطف ونزل وأتبعه شهاب. في الصافات
قال (وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) هذا على العموم، في الجيش عندما
يهاجم يقذف لكن ليس بالضرورة القذف يصيب كل جندي في المواجهة، ترمى عليه
السهام هكذا لكن ليس بالضرورة أن كل أفراد الجيش سيصابون. هنا المسألأة
مختلفة، هنا لا يكفي وإنما يجد له على سبيل الخصوص
(فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا (9)).

*مداخلة مع د.أحمد الكبيسى :

في
سورة الملك (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ
وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ﴿5﴾ الملك) وفي سورة الجن
(وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ﴿8﴾ الجن)
نص القرآن الكريم في سورة الملك على أنها السماء الدنيا التي ملئت حرساً
شديداً يعني بالمعنى فإذاً لو كانوا رواد الفضاء قادرين على اجتياز السماء
الدنيا فإنهم لن يتأثروا بوسوسة الشياطين لأن الشياطين أو الجن لن يجتازوا
السماء الدنيا إلى السماء الثانية.

الإجابة:
أحسنت، رب العالمين يقول (فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ
﴿33﴾ الرحمن) الشياطين وسوسة وأوهام وإيحاءات باطلة هذا الذي طلع على
القمر وطبعاً القمر ليس سماء القمر أرض لكن حتى لو وصل إلى السماء بالعلم
هو السلطان (فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) أي سلطان
العلم وليس سلطان الوساوس والشياطين وكلامك صحيح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ibde3nawa3im.yoo7.com
 
لمسات بيانية من سورة الجن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة الجن
» تفسير سورة نوح
» تفسير سورة الفاتحه
»  ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
»  هل الحج مفروض على الجن المؤمن وإن كان كذلك فأين يحجون؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الفضاء الديني :: شروحات وافية لكتاب الله تعالى العظيم-
انتقل الى: