جسد عابث
جلس الشبح العابس أمام ظله, في المرآة أخد يتأمل تقاسيم وجع وقد غدت ملطخة بمساحيق التجميل, فربما خففت قليلا من آثار الندوب, تلك التي سببتها يد عابثة امتدت على كتفيها...
احتضنت بين يديها صورة أختها الصغرى, التي أكملت لتوها ربيعها الخامس عشر, فلازال الطريق أمامها لتعيش, وكأن الأمل يتفتح شيئا فشيئا بين دواخلها, لكن هيهات هيهات, فيد الفقر المتسلطة أبت إلا أن تمتد إليها وتجترها وسط أحلام موءودة, لتواجه نفس المصير...
فهاهي الأم قد بدت تستعد لتوشح ابنتها بلباسها الجديد, في أبهى حلل ليلة العيد, قميص شفاف يبدي من جسدها أكثر مما يخفي, لكن الصغيرة لم تدري ما لذي ينتظرها, أهو عريس طرق باباها, أم هي حفلة تجمعها مع مثيلاتها ممن استهواهن الرقص فوق الأرضية الباردة ...
قبل أن تكمل تسريحة شعرها المبتل لتوه من دوش دافئ, تناولتها يد أمها من المقعد, قبلة عناق حار تخللت وجنتيهما, وارتمى الحضن على الآخر, ويا ليت العبرات لم تخن الأم, لتسئلها : ما بك أمااه ... ابتسمت الأخيرة وأردفت في محاولة لإخفاء ما هب بها من أحاسيس : لاشيء يا ابنتي هي فقط رموش سقطت على البؤبؤ فأدمعته...
أمام ذلك المشهد كان ذلك الشبح منزوي في ركن السرير, وقد تسمرت عيناه في شرود, وكأنه يتربص اللحظة ليتدخل, لكن ماعادت له قوى قط, ولم تنبه من غفلته, إلا تلك اليد التي امتدت على كتفيه مرددة :
الزبون في انتظار الصبية, فلتسرعي بها إليه...
إهداء
إلى ذلك الجسم الطاهر وسط فوضى الأجساد العابثة